زوال كله ، فإن أريد أن الهيئة الاجتماعية لم تبق مجتمعة كما كانت ، فمسلّم ، ولكن لا يلزم من زوال بعضها زوال سائر الأجزاء ، فيزول عنه الكمال فقط.
والأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه من الكتاب والسنة والآثار السلفية كثيرة جدّا : منها : قوله تعالى : (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) الانفال : ٢. (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) مريم : ٧٦. (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) المدثر : ٣١. (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) الفتح : ٤. (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران : ١٧٣. وكيف يقال في هذه الآية والتي قبلها إن الزيادة باعتبار زيادة المؤمن به؟ فهل في قول الناس : (قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) آل عمران : ١٧٣ زيادة مشروع؟ وهل في إنزال السكينة على قلوب المؤمنين زيادة مشروع؟ وإنما أنزل الله السكينة في قلوب المؤمنين مرجعهم من الحديبية ليزدادوا طمأنينة ويقينا ، ويؤيد ذلك قوله تعالى : (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ) آل عمران : ١٦٧. وقال تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ) التوبة : ١٢٤ ، ١٢٥. وأما ما رواه الفقيه أبو الليث السمرقندي رحمهالله ، في تفسيره عند هذه الآية ، فقال : حدثنا محمد بن الفضل وأبو القاسم الساباذي ، قالا : حدثنا فارس بن مردويه ، قال : حدثنا محمد بن الفضل بن العابد ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى ، قال : حدثنا أبو مطيع ، عن حماد بن سلمة ، عن أبي المهزّم ، عن أبي هريرة ، قال : جاء وفد ثقيف الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، الإيمان يزيد وينقص؟ فقال : «لا ، الإيمان مكمل في القلب ، زيادته كفر ، ونقصانه شرك» (٤١٥). فقد سئل شيخنا الشيخ عماد الدين ابن كثير رحمهالله عن هذا الحديث؟ فأجاب : بأن الإسناد من أبي الليث الى أبي
__________________
(٤١٥) موضوع أفته ابو المهزم ، فقد اتهمه شعبة كما ذكره الشارح وغيره ، وأبو مطيع اتهمه الجوزقاني والذهبي بالوضع كما في «اللسان» ، ونحوه ما سأذكره عن ابن حبان