استدلوا على بطلان ذلك ب (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) الشورى : ١١ تحريفا للنصين!! ويصنفون الكتب ، ويقولون : هذا أصول دين الإسلام الذي أمر الله به وجاء من عنده ، ويقرءون كثيرا من القرآن ويفوضون معناه الى الله تعالى ، من غير تدبّر لمعناه الذي بيّنه الرسول ، وأخبر أنه معناه الذي أراده الله. وقد ذم الله تعالى أهل الكتاب الأول على هذه الصفات الثلاث ، وقص ذلك علينا من خبرهم لنعتبر وننزجر عن مثل طريقتهم. فقال تعالى : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) البقرة : ٧٥ ، الى أن قال : (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ ، وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) البقرة : ٧٨. والأماني : التلاوة المجردة ، ثم قال تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة : ٧٩. فذمهم على نسبة ما كتبوه الى الله ، وعلى اكتسابهم بذلك ، فكلا الوصفين ذميم : أن ينسب الى الله ما ليس من عنده ، وأن يأخذ بذلك عوضا من الدنيا مالا أو رئاسة. نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزلل ، في القول والعمل ، بمنه وكرمه.
ويشير الشيخ رحمهالله بقوله : من الشرع والبيان. الى أن ما صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم نوعان : شرع ابتدائي ، وبيان لما شرعه الله في كتابه العزيز ، وجميع ذلك حق واجب الاتباع. وقوله : وأهله في أصله سواء ، والتفاضل بينهم بالحقيقة ومخالفة الهوى ، وملازمة الأولى. وفي بعض النسخ : بالخشية والتقى بدل قوله :
بالحقيقة. ففي العبارة الاولى يشير الى أن الكل مشتركون في أصل التصديق ، ولكن التصديق يكون بعضه أقوى من بعض وأثبت ، كما تقدم نظيره بقوة البصر وضعفه. وفي العبارة الأخرى يشير الى أن التفاوت بين المؤمنين بأعمال القلوب ، وأما التصديق فلا تفاوت فيه. والمعنى الأول أظهر قوة ، والله أعلم بالصواب.
قوله : (والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن).
ش : قال تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) يونس : ٦٢ ـ ٦٣ الآية. الولي : من الولاية بفتح الواو ،