من جماعة اجتمعت إلا وفيهم ولي لله ، لا هم يدرون به ، ولا هو يدري بنفسه» (٤٥٧) ـ : فلا أصل له ، وهو كلام باطل ، فإن الجماعة قد يكونون كفارا ، وقد يكونون فساقا يموتون على الفسق. وأما أولياء الله الكاملون فهم الموصوفون في قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) يونس : ٦٢ ـ ٦٤ ، الآية. والتقوى هي المذكورة في قوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ) ، الى قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة : ١٧٧. وهم قسمان : مقتصدون ، ومقربون. فالمقتصدون : الذين يتقربون الى الله بالفرائض من أعمال القلوب والجوارح. والسابقون : الذين يتقربون الى الله بالنوافل بعد الفرائض. كما في «صحيح البخاري» عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يقول الله تعالى : من عادى لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة ، وما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما اقترضت عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل ، حتى أحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينّه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته» (٤٥٨). والولي : خلاف (٤٥٩) العدو ، وهو مشتق من الولاء وهو الدنو والتقرب ، فولي الله : هو من والى الله بموافقته محبوباته ، والتقرب إليه بمرضاته ، وهؤلاء كما قال الله تعالى فيهم : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق : ٢ ـ ٣. قال أبو ذر رضي الله عنه : لما نزلت الآية ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا أبا ذر ، لو عمل
__________________
(٤٥٧) باطل لا أصل له كما قال المؤلف.
(٤٥٨) صحيح لإخراج البخاري إياه ، وإسناده قوي لغيره ، له طرق وشواهد عدة ، خرجتها في «الأحاديث الصحيحة» (١٦٤٠) ، لكن لفظ المبارزة ليس عند البخاري ، وانما هو عند غيره من حديث أبي أمامة بسند فيه ضعيفان ، كما بينته هناك.
(٤٥٩) في الاصل : من القرب.