منفقا متصدقا باذلا ماله في وجوب القرب شاكرا لله عليه ، وفقيرا متفرغا لطاعة الله ولأداء العبادات صابرا على فقره. وحينئذ يقال : إن أكملهما أطوعهما وأتبعهما ، فإن تساويا تساوت درجتهما. والله أعلم. ولو صح التجريد ، لصح أن يقال : أيما أفضل معافى شاكر ، أو مريض صابر ، أو مطاع شاكر ، أو مهان صابر ، أو آمن شاكر ، أو خائف صابر؟ ونحو ذلك.
قوله : (والايمان : هو الايمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر ، خيره وشره ، وحلوه ومره ، من الله تعالى).
ش : تقدم ان هذه الخصال هي أصول الدين ، وبها أجاب النبي صلىاللهعليهوسلم في حديث جبرائيل المشهور المتفق على صحته ، حين جاء الى النبي صلىاللهعليهوسلم على صورة رجل اعرابي ، وسأله عن الإسلام؟ فقال : «أن تشهد لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» (٤٦٢). وسأله عن الإيمان؟ فقال : «أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر ، خيره وشره». وسأله عن الإحسان؟ فقال : «أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك». وقد ثبت كذلك في «الصحيح» عنه صلىاللهعليهوسلم : أنه كان يقرأ في ركعتي الفجر تارة بسورتي الإخلاص : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) الكافرون : ١ ، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) الاخلاص : ١. وتارة بآيتي الإيمان والإسلام : التي في سورة البقرة : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) البقرة : ١٣٦ ، الآية ، والتي في آل عمران : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) (٤٦٣) آل عمران : ٦٤ ، الآية. [و] فسر صلىاللهعليهوسلم الإيمان في حديث وفد عبد القيس ، المتفق على صحته ، حيث قال لهم : «آمركم بالإيمان بالله وحده ، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ،
__________________
(٤٦٢) متفق عليه ، وقد تقدم.
(٤٦٣) مسلم ، وهو في «صفة الصلاة» (ص ٩٢).