قوله : (ولا ننزل أحدا منهم جنة ولا نارا).
ش : يريد : أنا لا نقول عن أحد معين من أهل القبلة إنه من أهل الجنة أو من أهل النار ، إلا من أخبر الصادق صلىاللهعليهوسلم أنه من أهل الجنة كالعشرة رضي الله عنهم. وإن كنا نقول : إنه لا بد أن يدخل النار من أهل الكبائر من شاء الله إدخاله النار ، ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين ، ولكنا نقف في الشخص المعيّن ، فلا نشهد له بجنة ولا نار إلا عن علم ، لأن الحقيقة باطنة ، وما مات عليه لا نحيط به ، لكن نرجو للمحسنين ، ونخاف على المسيئين.
وللسلف في الشهادة بالجنة ثلاثة أقوال : أحدها : أن لا يشهد لأحد إلا للأنبياء ، وهذا ينقل عن محمد بن الحنفية ، والأوزاعي. والثاني : أنه يشهد بالجنة لكل مؤمن جاء فيه النص ، وهذا قول كثير من العلماء وأهل الحديث. والثالث : أنه يشهد بالجنة لهؤلاء ولمن شهد له المؤمنون ، كما في «الصحيحين» : أنه مر بجنازة ، فأثنوا عليها بخير ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «وجبت ، ومر بأخرى ، فأثني عليها بشر ، فقال : وجبت». وفي رواية كرر : «وجبت» ثلاث مرات ، فقال عمر : يا رسول الله ، ما وجبت؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هذا أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شرّا وجبت له النار ، أنتم شهداء الله في الأرض» (٤٨٨). وقال صلىاللهعليهوسلم : «توشكون أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار» ، قالوا : بم يا رسول الله؟ قال : «بالثناء الحسن والثناء السيئ» (٤٨٩). فأخبر أن ذلك مما يعلم به أهل الجنة وأهل النار.
قوله : (ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق ، ما لم يظهر منهم شيء من ذلك ، ونذر سرائرهم الى الله تعالى).
__________________
(٤٨٨) صحيح ، وهو مخرج في «احكام الجنائز» (ص ٤٤).
(٤٨٩) اسناده محتمل للتحسين ، فانه من رواية ابن أبي زهير الثقفي عن أبيه مرفوعا. أخرجه ابن ماجه (٤٢٢١) وأحمد (٣ / ٤١٦ ، ٦ / ٤٦٦) قال في «الزوائد» : «اسناده صحيح ، رجاله ثقات» ، قلت : أبو بكر هذا ، لم يرو عنه غير اثنين ، ولم يوثقه غير ابن حبان (١ / ٢٦٧) ، وقال في «التقريب» : «مقبول» ، يعني عند المتابعة ، والافلين الحديث
.