لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» (٤٩٨). وعن عوف بن مالك رضي الله عنه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلّون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم» ، فقلنا : يا رسول الله ، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك؟ قال : «لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ألا من ولي عليه وال ، فرآه يأتي شيئا من معصية الله ، [فليكره ما يأتي من معصية الله] ، ولا ينزعنّ يدا من طاعته» (٤٩٩).
فقد دلّ الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر ، ما لم يأمروا بمعصية ، فتأمل قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء : ٥٩ ـ كيف قال : «وأطيعوا الرسول» ، ولم يقل : وأطيعوا أولي الأمر منكم؟ لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة ، بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله. وأعاد الفعل مع الرسول لأن من يطع الرسول فقد أطاع الله ، فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله ، بل هو معصوم في ذلك ، وأما وليّ الأمر فقد يأمر بغير طاعة الله ، فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله. وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا ، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم ، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور ، فإن الله تعالى ما سلّطهم علينا إلا لفساد أعمالنا ، والجزاء من جنس العمل ، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل. قال تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) الشورى : ٣٠. وقال تعالى : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا ، قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) آل عمران : ١٦٥ وقال تعالى : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ ، وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) النساء : ٧٩. وقال تعالى : (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) الانعام : ١٢٩. فإذا أراد الرعية أن يتخلّصوا من ظلم الأمير الظالم ، فليتركوا الظلم. وعن مالك بن دينار :
__________________
(٤٩٨) مسلم وعزاه السيوطي في «الجامع الكبير» و «الزيادة على الجامع الصغير» لأحمد أيضا ، ولم نره في «مسنده».
(٤٩٩) مسلم وغيره ، وهو مخرج في «الصحيحة» (٩٠٧).