اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها ، [وعضّوا عليها] بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة» (٥٠١). وقال صلىاللهعليهوسلم : «إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة ، يعني الأهواء ، كلها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة» (٥٠٢). وفي رواية : قالوا : من هي يا رسول الله؟ قال ؛ «ما أنا عليه وأصحابي» (٥٠٣) فبيّن صلىاللهعليهوسلم أن عامة المختلفين هالكون من الجانبين ، إلا أهل السنة والجماعة.
وما أحسن قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، حيث قال : من كان منكم مستنّا فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ، أولئك أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ، كانوا أفضل هذه الأمة ، أبرّها قلوبا ، وأعمقها علما وأقلّها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم. وسيأتي لهذا المعنى زيادة بيان إن شاء الله تعالى ، عند قول الشيخ : ونرى الجماعة حقّا وصوابا ، والفرقة زيغا وعذابا.
قوله : (ونحب أهل العدل والامانة ، ونبغض أهل الجور والخيانة).
ش : وهذا من كمال الإيمان وتمام العبودية ، فإن العبادة تتضمن كمال المحبة ونهايتها ، وكمال الذل ونهايته. فمحبة رسل الله وأنبيائه وعباده المؤمنين من محبة الله ، وإن كانت المحبة التي لله لا يستحقها غيره ، فغير الله يحب في الله ، لا مع الله ، فإن
__________________
(٥٠١) صحيح كما قال الترمذي انظر «الارواء» (٢٤٥٥) و «السنة» لابن ابي عاصم (رقم ٢٧ ـ ٣٤).
(٥٠٢) صحيح وهو مخرج في «الصحيحة» (٢٠٣ و ٢٠٤) وفي «تخريج السنة» برقم (٦٣ ـ ٦٩).
(٥٠٣) هذه الرواية فيها ضعف ، وحسنها الترمذي في «الإيمان» ، وهو ممكن باعتبار شواهده كما تقدم بيان في التعليق عليه (رقم ٢٦٣) ، وقد ذكرت لها شاهدا في «الصحيحة» تحت الحديث (٢٠٤) ص ١٧.