المسح الذي الغسل قسم منه ، فإنه قال : (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) المائدة : ٦ ، ولم يقل : الى الكعاب ، كما قال : (إِلَى الْمَرافِقِ) المائدة : ٦ ، فدل على أنه ليس في كل رجل كعب واحد ، كما في كل يد مرفق واحد ، بل في كل رجل كعبان ، فيكون تعالى قد أمر بالمسح الى العظمين الناتئين ، وهذا هو الغسل ، فإن من يسمح المسح الخاص يجعل المسح لظهور القدمين ، وجعل الكعبين في الآية غاية يردّ قولهم. فدعواهم أن الفرض مسح الرجلين الى الكعبين ، اللذين هما مجتمع الساق والقدم عند معقد الشّراك ـ مردود بالكتاب والسنة.
وفي الآية قراءتان مشهورتان : النصب والخفض ، وتوجيه إعرابهما مبسوط في موضعه. وقراءة النصب نص في وجوب الغسل ، لأن العطف على المحل إنما يكون اذا كان المعنى واحدا ، كقوله :
فلسنا بالجبال ولا الحديدا
وليس معنى : مسحت برأسي ورجلي ـ هو معنى : مسحت رأسي ورجلي ، بل ذكر الباء يفيد معنى زائدا على مجرد المسح ، وهو إلصاق شيء من الماء بالرأس ، فتعين العطف على قوله : (وَأَيْدِيَكُمْ). فالسنة المتواترة تقضي على ما يفهمه بعض الناس من ظاهر القرآن ، فإن الرسول بيّن للناس لفظ القرآن ومعناه. كما قال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرءوننا القرآن : عثمان بن عفان ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهما : أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلىاللهعليهوسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا معناها. وفي ذكر المسح في الرجلين تنبيه على قلة الصبّ في الرجلين ، فإن السرف يعتاد فيهما كثيرا. والمسألة معروفة ، والكلام عليها في كتب الفروع.
قوله : (والحج والجهاد ماضيان مع أولي الامر من المسلمين ، برّهم وفاجرهم ، الى قيام الساعة ، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما).
ش : يشير الشيخ رحمهالله الى الرد على الرافضة ، حيث قالوا : لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج الرضى من آل محمد ، وينادي مناد من السماء : اتبعوه!! وبطلان هذا القول أظهر من أن يستدلّ عليه بدليل. وهم شرطوا في الإمام أن