على بابها ، يأتيهم من روحها ونعيمها ورزقها. وقيل : على أفنية قبورهم. وقال مالك : بلغني أن الروح مرسلة ، تذهب حيث شاءت. وقالت طائفة : بل أرواح المؤمنين عند الله عزوجل ، ولم يزيدوا على ذلك. وقيل إن أرواح المؤمنين بالجابية من دمشق ، وأرواح الكافرين ببرهوت بئر بحضرموت! وقال كعب : أرواح المؤمنين في عليين في السماء السابعة ، وأرواح الكافرين في سجين في الأرض السابعة تحت خدّ إبليس (٥٣٣)! وقيل : أرواح المؤمنين ببئر زمزم ، وأرواح الكافرين ببئر برهوت. وقيل : أرواح المؤمنين عن يمين آدم ، وأرواح الكفار عن شماله. قال ابن حزم وغيره : مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها. وقال أبو عمر بن عبد البر : أرواح الشهداء في الجنة ، وأرواح عامة المؤمنين على أفنية قبورهم. وعن ابن شهاب أنه قال : بلغني أن أرواح الشهداء كطير خضر معلّقة بالعرش ، تغدو وتروح الى رياض الجنة ، تأتي ربها كل يوم تسلم عليه. وقالت فرقة : مستقرّها العدم المحض. وهذا قول من يقول : إن النفس عرض من أعراض البدن ، كحياته وإدراكه! وقولهم مخالف للكتاب والسنة. وقالت فرقة : مستقرها بعد الموت أبدان أخر تناسب أخلاقها وصفاتها التي اكتسبتها في حال حياتها ، فتصير كل روح الى بدن حيوان يشاكل تلك الروح! وهذا قول التناسخية منكري المعاد ، وهو قول خارج عن أهل الاسلام كلهم. ويضيق هذا المختصر عن بسط أدلة هذه الأقوال والكلام عليها.
ويتلخص من أدلتها : أن الأرواح في البرزخ متفاوتة أعظم تفاوت ، فمنها : أرواح في أعلى عليين ، في الملأ الأعلى (٥٣٤) ، وهي أرواح الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه ، وهم متفاوتون في منازلهم. ومنها أرواح في حواصل طير خضر ، تسرح في الجنة حيث شاءت ، وهي أرواح بعض الشهداء ، لا كلّهم ، بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه. كما في «المسند» عن عبد
__________________
(٥٣٣) قال عفيفي : انظر المسألة الثانية عشرة من كتاب «الروح».
(٥٣٤) قال عفيفي : انظر قول العلماء في مستقر الارواح بعد الموت وقبل يوم القيامة في المسألة الخامسة عشرة من كتاب «الروح» لابن القيم.