الله بن جحش (٥٣٥) : أن رجلا جاء الى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا رسول الله : ما لي إن قتلت في سبيل الله؟ قال : «الجنة» ، فلما ولىّ ، قال : «إلا الدّين ، سارني به جبرائيل آنفا» (٥٣٦). ومن الأرواح من يكون محبوسا على باب الجنة ، كما في الحديث [الذي] قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت صاحبكم محبوسا على باب الجنة» (٥٣٧) ومنهم من يكون محبوسا في قبره ، ومنهم من يكون في الارض ، ومنها أرواح في تنوّر الزّناة والزواني ، وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة ، كل ذلك تشهد له السّنة ، والله أعلم. وأما الحياة التي اختص بها الشهيد وامتاز بها عن غيره ، في قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آل عمران : ١٦٩ ، وقوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) البقرة : ١٥٤ ـ [فهي] : أن الله تعالى جعل أرواحهم في أجواف طير خضر. كما في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لما أصيب إخوانكم ، يعني يوم أحد ، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي الى قناديل من ذهب مظلّة في ظل العرش» (٥٣٨) ، الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وبمعناه في حديث ابن مسعود ، رواه مسلم. فإنهم لما بذلوا أبدانهم لله عزوجل حتى أتلفها أعداؤه فيه ، أعاضهم منها في البرزخ أبدانا خيرا منها ، تكون فيها الى يوم القيامة ، ويكون تنعمها بواسطة تلك الأبدان ، أكمل من تنعّم الأرواح المجردة عنها. ولهذا كانت نسمة المؤمن في صورة طير ، أو كطير ، ونسمة الشهيد في جوف طير. وتأمل لفظ الحديثين ، ففي الموطأ أن كعب بن مالك كان يحدث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : «إن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة ، حتى يرجعه
__________________
(٥٣٥) في الاصل : عن محمد بن عبد الله بن محسن.
(٥٣٦) صحيح ، «مسند أحمد» (٤ / ١٣٩ و ٣٥٠).
(٥٣٧) صحيح «أحكام الجنائز» (١٥).
(٥٣٨) صحيح ، واخرجه الحاكم ، وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبى ، وانظر «المشكاة» (٣٨٥٣).