الذي تواطأت عليه الروايات الصحيحة هو الأول ، وعليه المعنى الصحيح ، فإن الصعق يوم القيامة لتجلي الله لعباده إذا لفصل القضاء ، فموسى عليهالسلام إن كان لم يصعق معهم ، فيكون قد جوزي بصعقة يوم تجلى ربه للجبل فجعله دكّا ، فجعلت صعقة هذا التجلي عوضا عن صعقة الخلائق لتجلي ربه يوم القيامة. فتأمل هذا المعنى العظيم ولا تهمله. وروى الإمام أحمد ، والترمذي ، وأبو بكر بن أبي الدنيا ، عن الحسن ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فعرضتان جدال ومعاذير ، وعرضة تطاير الصحف ، فمن أوتي كتابه بيمينه ، وحوسب حسابا يسيرا ، دخل الجنة ، ومن أوتي كتابه بشماله ، دخل النار» (٥٥٦). وقد روى ابن أبي الدنيا [عن ابن المبارك] : أنه أنشد في ذلك شعرا :
وطارت الصحف في الأيدي منشّرة |
|
فيها السرائر والأخبار تطّلع (٥٥٧) |
فكيف سهوك والأنباء واقعة |
|
عما قليل ، ولا تدري بما تقع |
أفي الجنان وفوز لا انقطاع له |
|
أم الجحيم فلا تبقي ولا تدع |
تهوي بساكنها طورا وترفعهم |
|
إذا رجوا مخرجا من غمها قمعوا |
طال البكاء (٥٥٨) فلم يرحم تضرّعهم |
|
فيها ، ولا رقية (٥٥٩) تغني ولا جزع |
لينفع العلم قبل الموت عالمه |
|
قد سال قوم بها الرّجعى فما رجعوا |
__________________
بقوله : «ممن استثنى الله» أي لا تصيبه النفخة ، كما صرحت به رواية ابن أبي الدنيا في كتاب البعث» عن الحسن مرسلا ، كما في «الفتح».
(٥٥٦) ضعيف ، لأن الحسن البصري مدلس وقد عنعنه ، وهذه علة ، وان ثبت سماعه من ابي هريرة وأبي موسى ، فان ثبوت مطلق السماع لا يغني في رواية المدلس حتى يصرح بالتحديث كما هو مقرر في «المصطلح» ، إلا اذا ثبتت رواية الكتاب التي فيها التصريح بسماع الحسن من ابى موسى.
(٥٥٧) قال عفيفي : انظر المسألة الرابعة من كتاب «الروح» لابن القيم.
(٥٥٨) في الأصل : الكلام.
(٥٥٩) في الاصل : رفه.