قوله : والصراط ، أي : وتؤمن بالصراط ، وهو جسر على جهنم ، اذا انتهى الناس بعد مفارقتهم مكان الموقف الى الظلمة التي دون الصراط ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل : أين الناس يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات؟ فقال : «هم في الظلمة دون الجسر» (٥٦٠). وفي هذا الموضع يفترق المنافقون عن المؤمنين ، ويتخلفون عنهم ، ويسبقهم المؤمنون ، ويحال بينهم بسور يمنعهم من الوصول إليهم. وروى البيهقي بسنده ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : «يجمع الله الناس يوم القيامة» ، الى أن [قال] : «فيعطون نورهم على قدر أعمالهم ، وقال : فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه ، حتى يكون آخر من يعطى نوره على إبهام قدمه ، يضيء مرة ويطفأ مرة ، إذا أضاء قدّم قدمه ، وإذا طفئ قام ، قال : فيمرّ ويمرون على الصراط ، والصراط كحد السيف ، دحض ، مزلة ، فيقال لهم : امضوا على قدر نوركم ، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كالطرف ، ومنهم من يمر كشدّ الرّجل ، يرمل رملا ، فيمرون على قدر أعمالهم ، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه ، تخرّ يد ، وتعلق يد ، وتخر (٥٦١) رجل ، وتعلق رجل ، وتصيب جوانبه النار ، فيخلصون ، فإذا خلصوا قالوا : الحمد لله الذي نجّانا منك بعد أن أراناك ، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحد» (٥٦٢) ... الحديث.
__________________
(٥٦٠) رواه مسلم (١ / ١٧٣).
(٥٦١) في الاصل : تجرّ.
(٥٦٢) صحيح. وأخرجه الحاكم (٢ / ٣٧٦) ، وأظن أن البيهقي من طريقه رواه ، وقال الحاكم : «صحيح على شرط الشيخين». ووافقه الذهبي! قلت : وفيه يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاتي ، ولم يخرج له الشيخان شيئا ، ثم هو وان كان صدوقا ، فقد كان يخطئ كثيرا ، وكان يدلس ، كما في «التقريب». وقد صرح في هذا الاثر بالتحديث ، فأمنا بذلك تدليسه ، فإنما يخشى منه الخطأ فيه ، لكنه قد توبع كما يأتي ، فأمّنا بذلك خطأه أيضا ، وقد أخرجه الحاكم أيضا (٤ / ٥٩٠ ـ ٥٩٢) بتمامه مطولا ، وكذلك الطبراني في «المعجم الكبير» (٣ / ٤٦ / ٢ ـ ٤٧ / ٢) من طريق أبي خالد هذا عن ابن مسعود مرفوعا وقد تابعه زيد بن أبي أنيسة مرفوعا أيضا