الله العظيم» (٥٧٣). وروى الحافظ أبو بكر البيهقي ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال : «يؤتى بابن آدم يوم القيامة ، فيوقف بين كفتي الميزان ، ويوكل به ملك ، فإن ثقل ميزانه ، نادى الملك بصوت يسمع الخلائق : سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا ، وإن خف ميزانه ، نادى الملك بصوت يسمع الخلائق : شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا» (٥٧٤). فلا يلتفت الى ملحد معاند يقول : الأعمال أعراض لا تقبل الوزن ، وإنما يقبل الوزن الأجسام!! فإن الله يقلب الأعراض أجساما ، كما تقدم ، وكما روى الإمام أحمد ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يؤتى بالموت كبشا أغر (٥٧٥) ، فيوقف بين الجنة والنار ، فيقال ، يا أهل الجنة ، فيشرئبون وينظرون ، ويقال : يا أهل النار ، فيشرئبون وينظرون ، ويرون أن قد جاء الفرج ، فيذبح ، ويقال : خلود لا موت» (٥٧٦). ورواه البخاري بمعناه. فثبت وزن الأعمال والعامل وصحائف الأعمال ، وثبت أن الميزان له كفتان. والله تعالى أعلم بما وراء ذلك من الكيفيات.
فعلينا الإيمان بالغيب ، كما أخبرنا الصادق صلىاللهعليهوسلم ، من غير زيادة ولا نقصان. ويا خيبة من ينفي وضع الموازين القسط ليوم القيامة كما أخبر الشارع (٥٧٧) ، لخفاء الحكمة عليه ، ويقدح في النصوص بقوله : لا يحتاج الى الميزان إلا البقال والفوّال!! وما أحراه بأن يكون من الذين لا يقيم الله لهم يوم القيامة وزنا. ولو لم يكن من الحكمة في وزن الأعمال إلا ظهور عدله سبحانه لجميع عباده ، [فإنه] لا أحد أحبّ إليه العذر من الله ، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين. فكيف ووراء ذلك من الحكم ما لا اطلاع لنا عليه. فتأمل قول الملائكة ، لما قال
__________________
(٥٧٣) متفق عليه ، وتقدم.
(٥٧٤) موضوع ، ورواه أبو نعيم أيضا في «الحلية» (٦ / ١٧٤) وقال «تفرد به داود بن المحبر» قلت : وهو متروك متهم بالوضع.
(٥٧٥) في الاصل : أغبر.
(٥٧٦) صحيح ، أخرجه في «المسند» (٢ / ٤٢٣) بسند صحيح.
(٥٧٧) قال عفيفي : انظر أحاديث الوعيد في ص ٣٩٥ ـ ٣٩٧ ج ١ من «مدارج السالكين»
.