فلا تموتوا أبدا» (٥٩٨). وتقدم ذكر ذبح الموت بين الجنة والنار ، ويقال : «يا أهل الجنة ، خلود فلا موت ، ويا أهل النار ، خلود فلا موت» (٥٩٩).
وأما أبدية النار ودوامها ، فللناس في ذلك ثمانية أقوال : أحدها : أن من دخلها لا يخرج منها أبد الآباد ، وهذا قول الخوارج والمعتزلة. والثاني : أن أهلها يعذبون فيها ، ثم تنقلب طبيعتهم وتبقى طبيعة النارية يتلذذون بها لموافقتها لطبعهم! وهذا قول إمام الاتحادية ابن عربي الطائي!! الثالث : أن أهلها يعذبون فيها الى وقت محدود ، ثم يخرجون منها ، ويخلفهم فيها قوم آخرون (٦٠٠) ، وهذا القول حكاه اليهود للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأكذبهم فيه ، وقد أكذبهم الله تعالى ، فقال عز من قائل : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ، قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ ، أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ. بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) البقرة : ٨٠ ـ ٨١. الرابع : يخرجون منها ، وتبقى على حالها ليس فيها أحد. الخامس : أنها تفنى بنفسها ، لأنها حادثة وما ثبت حدوثه استحال بقاؤه!! وهذا قول الجهم وشيعته ، ولا فرق عنده في ذلك بين الجنة والنار ، كما تقدم. السادس : تفنى حركات أهلها ويصيرون جمادا ، لا يحسّون بألم ، وهذا قول أبي الهذيل العلّاف كما تقدم. السابع : أن الله يخرج منها من يشاء ، كما ورد في الحديث ، ثم يبقيها شيئا ، ثم يفنيها ، فإنه جعل لها أمدا تنتهي إليه. الثامن : أن الله تعالى يخرج منها من شاء ، كما ورد في السنة ، ويبقى فيها الكفار ، بقاء لا انقضاء له ، كما قال الشيخ رحمهالله. وما عدا هذين القولين الأخيرين ظاهر البطلان.
وهذان القولان لأهل السنة ينظر في أدلتهما.
__________________
(٥٩٨). اخرجه مسلم (٨ / ١٤٨) عن أبي سعيد وأبي هريره معا بتقديم الجملة الأخيرة على التي قبلها ، وزاد : «وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا ، فذلك قوله عزوجل : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)».
(٥٩٩) متفق عليه.
(٦٠٠) قال عفيفي : انظر الباب السابع والستين من «حادي الأرواح» ص (٢٩٨).