ومشايخه ، كما عليه أصحاب الطمع الكاذب ، وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى.
وكذلك قوله تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ) البقرة : ٢٨٦. وقوله : (وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يس : ٥٤. على أن سياق هذه الآية يدل على أن المنفي عقوبة العبد بعمل غيره ، فإنه تعالى قال : (فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ، وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يس : ٥٤.
وأما استدلالهم بقوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله» (٦٤٦) فاستدلال ساقط ، فإنه لم يقل انقطاع انتفاعه ، وإنما أخبر عن انقطاع عمله. وأما عمل غيره فهو لعامله ، [فإن] وهبه له وصل إليه ثواب عمل العامل ، لا ثواب عمله هو ، وهذا كالدّين يوفيه الإنسان عن غيره ، فتبرأ ذمته ، ولكن ليس له ما وفّى به (٦٤٧) الدين.
وأما تفريق من فرق بين العبادات المالية والبدنية ـ فقد شرع النبي صلىاللهعليهوسلم عن الميت ، كما تقدم ، مع أن الصوم لا تجزئ فيه النيابة ، وكذلك حديث جابر رضي الله عنه ، قال : صليت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم عيد الاضحى ، فلما انصرف اتى بكبش فذبحه ، فقال : «بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعمن لم يضحّ من أمتي» (٦٤٨) ، رواه أحمد وأبو داود والترمذي ، وحديث الكبشين اللذين قال في أحدهما : «اللهم هذا عن أمتي جميعا» (٦٤٩) ، وفي الآخر : «اللهم هذا عن محمد وآل محمد» ، رواه أحمد. والقربة في الاضحية إراقة الدم ، وقد جعلها لغيره.
وكذلك عبادة الحج بدنية ، وليس [المال] ركنا فيه ، وإنما هو وسيلة ، ألا ترى أن المكي يجب عليه الحج إذا قدر على المشي الى عرفات ، من غير شرط المال. وهذا هو الأظهر ، أعني أن الحج غير مركب من مال وبدن ، بل بدني محض ، كما قد نص
__________________
(٦٤٦) صحيح ومضى قريبا (برقم ٦٣٣).
(٦٤٧) في الاصل : هذا.
(٦٤٨) صحيح لشواهده. انظر «المجمع» (٤ / ٢٢ ـ ٢٣) ، ومن شواهده الذي بعده. ثم حققت في «الإرواء» أنه صحيح لذاته ، فليراجعه من شاء الوقوف على الحقيقة (رقم ١١٣٨).
(٦٤٩) حسن ، وهو في «المسند» (٦ / ٣٩١ ـ ٣٩٢) وفي إسناده اختلاف بينته هناك.