له : أصلح مزاجي!! لأن هذه عندهم مؤثرة طبعا لا اختيارا ، فشرع الدعاء وصلاة الاستسقاء ليبين كذب أهل الطبائع.
وذهب قوم من المتفلسفة وغالية المتصوفة [الى] (٦٥٤) أن الدعاء لا فائدة فيه! قالوا : لأن المشيئة الإلهية إن اقتضت وجود المطلوب فلا حاجة الى الدعاء ، وإن لم تقتضه فلا فائدة في الدعاء!! وقد يخص بعضهم بذلك خواصّ العارفين! ويجعل الدعاء علة في مقام الخواص!! وهذا من غلطات بعض الشيوخ. فكما أنه معلوم الفساد بالاضطرار من دين الإسلام ـ فهو معلوم الفساد بالضرورة العقلية ، فإن منفعة الدعاء أمر أنشئت (٦٥٤٢) عليه تجارب الأمم ، حتى إن الفلاسفة تقول : ضجيج الأصوات في هياكل العبادات ، بفنون اللغات ، يحلل ما عقدته الأفلاك المؤثرات!! هذا وهم مشركون.
وجواب الشبهة بمنع المقدمتين (٦٥٤١) : فإن قولهم عن المشيئة الإلهية : إما أن تقتضيه أولا ـ [ف] ثمّ قسم ثالث ، وهو : أن تقتضيه بشرط لا تقتضيه مع عدمه ، وقد يكون الدعاء من شرطه ، كما توجب الثواب مع العمل الصالح ، ولا توجبه مع عدمه ، وكما توجب الشبع والريّ عند الأكل والشرب ، ولا توجبه مع عدمهما ، وحصول الولد بالوطء ، والزرع بالبذر. فإذا قدّر وقوع المدعوّ به بالدعاء لم يصحّ أن يقال لا فائدة في الدعاء ، كما [لا] يقال لا فائدة في الأكل والشرب والبذر وسائر الأسباب. فقول هؤلاء ـ كما أنه مخالف للشرع ، فهو مخالف للحسّ والفطرة.
ومما ينبغي أن يعلم ، ما قاله طائفة من العلماء ، وهو : أن الالتفات الى الأسباب شرك في التوحيد! ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل ، والإعراض عن الاسباب كالكلية قدح في الشرع. ومعنى التوكل والرجاء ، يتألف من وجوب التوحيد والعقل والشرع.
وبيان ذلك : أن الالتفات الى السبب هو اعتماد القلب عليه ورجاؤه والاستناد إليه. وليس في المخلوقات ما يستحق هذا ، لأنه ليس بمستقلّ ، ولا بدّ له من شركاء وأضداد مع هذا كله ، فإن لم يسخّره مسبب الأسباب لم يسخّر.
__________________
(٦٥٤) كذا الاصل ، ولعل الصواب يمنع الحصر في المقدمتين ، كما يدل عليه السياق
(*) في الأصل : متفق
.