فاستجيب لهم ، ويكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله ، أو حسنة تقدمت منه ، جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكر الحسنة ، أو صادف وقت إجابة ، ونحو ذلك ـ فأجيبت دعوته ، فيظن أن السر في ذلك الدعاء ، فيأخذه مجردا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي. وهذا كما إذ استعمل رجل دواء نافعا في الوقت الذي ينبغي ، فانتفع به ، فظن آخر ان استعمال هذا الدواء بمجرده كاف في حصول المطلوب ، وكان غالطا. وكذا قد يدعو باضطرار عند قبر ، فيجاب ، فيظنّ أن السرّ للقبر ، ولم يدر أن السر للاضطرار وصدق اللجء (٦٥٧) الى الله تعالى ، فإذا حصل ذلك في بيت من بيوت الله تعالى كان أفضل وأحبّ الى الله تعالى. فالأدعية والتعوذات والرّقي بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه ، لا بحده فقط ، فمتى كان السلاح سلاحا تامّا والساعد ساعدا قويّا ، والمحلّ قابلا ، والمانع مفقودا ـ : حصلت به النّكاية في العدو ، ومتى تخلّف واحد من هذه الثلاثة تخلف التأثير. فإذا كان الدعاء في نفسه غير صالح ، أو الداعي لم يجمع بين قلبه ولسانه في الدعاء ، أو كان ثمّ مانع من الإجابة ـ : لم يحصل الأثر.
قوله : (ويملك كل شيء ، ولا يملكه شيء. ولا غنى عن الله تعالى طرفة عين ، ومن استغنى عن الله طرفة عين ، فقد كفر وصار من أهل الحين).
ش : كلام حق ظاهر لا خفاء فيه. والحين ، بالفتح : الهلاك.
قوله : (والله يغضب ويرضى ، لا كأحد من الورى).
ش : قال تعالى : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) المائدة : ١١٩ والتوبة : ١٠٠ والمجادلة : ٢٢ والبينة : ٨. (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) الفتح : ١٨. وقال تعالى : (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ) المائدة : ٦٠. ([وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ] وَلَعَنَهُ) النساء : ٩٣. (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) البقرة : ٦١. ونظائر ذلك كثيرة. ومذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفة الغضب ، والرضى ، والعداوة ، والولاية ، والحب ، والبغض ، ونحو ذلك من
__________________
(٦٥٧) «اللجء» ـ بفتح اللام وسكون الجيم : مصدر ، كاللجوء.