يغضب في وقت دون وقت : كما قال في حديث الشفاعة : «إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله» (٦٦١) وفي «الصحيحين» عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربّنا وسعديك والخير في يديك ، فيقول : هل رضيتم؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا رب؟ وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ، فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون : يا رب ، وأيّ شيء أفضل من ذلك؟ فيقول : أحلّ عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا» (٦٦٢). فيستدل به على أنه يحل رضوانه في وقت دون وقت ، وأنه قد يحل رضوانه ثم يسخط ، كما يحل السخط ثم يرضى ، لكن هؤلاء أحل عليهم رضوانا لا يتعقبه سخط وهم قالوا : لا يتكلم إذا شاء ، ولا يضحك اذا شاء ، ولا يغضب اذا شاء ، ولا يرضى اذا شاء ، بل إما أن يجعلوا الرضى والغضب والحب والبغض هو الإرادة ، أو يجعلوها صفات أخرى ، وعلى التقديرين فلا يتعلق شيء من ذلك لا بمشيئته ولا بقدرته ، إذ لو تعلّق بذلك لكان محلّا للحوادث!! فنفى هؤلاء الصفات الفعلية الذاتية بهذا الأصل ، كما نفى أولئك الصفات مطلقا بقولهم ليس محلا للأعراض. وقد يقال : بل هي أفعال ، ولا تسمى حوادث ، كما سميت تلك صفات ، ولم تسمّ أعراضا. وقد تقدمت الإشارة الى هذا المعنى ، ولكن الشيخ رحمهالله لم يجمع الكلام في الصفات في المختصر في مكان واحد ، وكذلك الكلام في القدر ونحو ذلك ، ولم يعتن فيه بترتيب. وأحسن ما يرتب عليه كتاب أصول الدين ترتيب جواب النبي صلىاللهعليهوسلم لجبريل عليهالسلام ، حين سأله عن الإيمان ، فقال : «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر [خيره وشره]» (٦٦٣) ، الحديث ـ فيبدأ بالكلام على التوحيد والصفات وما يتعلق بذلك ، ثم بالكلام على الملائكة ، ثم وثم ، الى آخره.
__________________
(٦٦١) متفق عليه من حديث أبي هريرة وقد مضى لفظه بتمامه (رقم ١٩٨).
(٦٦٢) صحيح ، وهو مخرج في «صحيح الجامع الصغير» (١٩٠٧).
(٦٦٣) متفق عليه ، على ما سبق بيانه.