آمنوا ولم يستغفر لهم لا يستحق في الفيء نصيبا ، بنص القرآن. وفي «الصحيحين» عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء ، فسبّه خالد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسبوا أحدا من أصحابي ، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ، ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه» (٦٦٥). انفرد مسلم بذكر سب خالد لعبد الرحمن ، دون البخاري. فالنبي صلىاللهعليهوسلم يقول لخالد ونحوه : «لا تسبوا أصحابي» ، يعني عبد الرحمن وأمثاله ، لأن عبد الرحمن ونحوه هم السابقون الأولون ، وهم الذين أسلموا من قبل الفتح وقاتلوا ، وهم أهل بيعة الرضوان ، [فهم أفضل وأخص بصحبته ممن أسلم بعد بيعة الرضوان] ، وهم الذين أسلموا بعد الحديبية ، وبعد مصالحة النبي صلىاللهعليهوسلم أهل مكة ، ومنهم خالد بن الوليد ، وهؤلاء أسبق ممن تأخر إسلامهم الى فتح مكة ، وسموا الطلقاء ، منهم أبو سفيان وابناه يزيد ومعاوية ، والمقصود أنه نهى من له صحبة آخرا أن يسب من له صحبة أولا ، لامتيازهم عنهم من الصحبة بما لا يمكن أن يشركوهم فيه ، حتى لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه. فإذا كان هذا حال الذين أسلموا بعد الحديبية ، وإن كان قبل فتح مكة فكيف حال من ليس من الصحابة بحال مع الصحابة؟ رضي الله عنهم أجمعين.
والسابقون الأولون ـ من المهاجرين والأنصار ـ هم الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا ، وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم ، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة. وقيل : إن السابقين الأولين من صلى الى القبلتين ، وهذا ضعيف (٦٦٦). فإن الصلاة الى القبلة المنسوخة ليس بمجردة فضيلة ، لأن النسخ ليس من فعلهم ، ولم يدل على التفضيل به دليل شرعي ، كما دل على التفضيل بالسبق الى الإنفاق والجهاد والمبايعة التي كانت تحت الشجرة.
وأما ما يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم
__________________
(٦٦٥) صحيح ورواه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا ، وهو مخرج في «ظلال الجنة» (٩٨٨ ـ ٩٩١) ، وفيه بيان أنه ذكر أبي هريرة فيه شاذ ، فراجعه إن شئت.
(٦٦٦) قال عفيفي : انظر ص ٣٩٨ وما بعدها ج ٤ من «مجموع الفتاوى» لابن تيمية.