الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، وابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلىاللهعليهوسلم ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوه سيئا فهو عند الله سيئ (٦٧٢). [وفي رواية] : وقد رأى أصحاب محمد جميعا أن يستخلفوا أبا بكر. وتقدم قول ابن مسعود : من كان منكم مستنّا فليستن بمن قد مات ، إلخ ـ عند قول الشيخ : ونتبع السنة والجماعة.
فمن أضلّ ممن يكون في قلبه غل على خيار المؤمنين ، وسادات أولياء الله تعالى بعد النبيين؟ بل قد فضلهم اليهود والنصارى بخصلة ، قيل لليهود : من خير أهل ملتكم؟ قالوا : أصحاب موسى ، وقيل للنصارى : من خير أهل ملتكم؟ قالوا : أصحاب عيسى ، وقيل للرافضة : من شرّ أهل ملتكم؟ قالوا : أصحاب محمد!! لم يستثنوا منهم إلا القليل ، وفيمن سبّوهم من هو خير ممن استثنوهم بأضعاف مضاعفة.
وقوله : ولا نفرط في حب أحد منهم ـ أي لا نتجاوز الحد في حب أحد منهم ، كما تفعل الشيعة ، فنكون من المعتدين. قال تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) النساء : ١٧١.
وقوله : ولا نتبرأ [من أحد] منهم ـ كما فعلت الرافضة! فعندهم لا ولاء إلا ببراء ، أي لا يتولى أهل البيت حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما!! وأهل السنة يوالونهم كلهم ، وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها ، بالعدل والإنصاف ، لا بالهوى والتعصب. فإن ذلك كله من البغي الذي هو مجاوزة الحد ، كما قال تعالى : (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) الجاثية : ١٧. وهذا معنى قول من قال من السلف : الشهادة بدعة ، والبراءة بدعة. يروى ذلك عن جماعة من السلف ، من الصحابة والتابعين ، منهم : أبو سعيد الخدري ، والحسن
__________________
(٦٧٢) حسن موقوفا ، أخرجه الطيالسي وأحمد وغيرهما بسند حسن ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، واشتهر على الألسنة مرفوعا ، وفي سنده كذاب ، والصحيح وقفه ، وهما مخرجان في «الضعيفة» (٥٣٢ و ٥٣٣).