أن عمر بن عبد العزيز بعث محمد بن الزبير الحنظلي الى الحسن ، فقال : هل كان النبي صلىاللهعليهوسلم استخلف أبا بكر؟ فقال : أو في شكّ صاحبك؟ نعم ، والله الذي لا إله إلا هو استخلفه ، لهو كان أتقى لله من أن يتوثب عليها.
وفي الجملة : فجميع من نقل عنه أنه طلب تولية غير أبي بكر ، لم يذكر حجة شرعية ، ولا ذكر أن غير أبي بكر أفضل منه ، أو أحقّ بها ، وإنما نشأ من حب قبيلته وقومه فقط ، وهم كانوا يعلمون فضل أبي بكر رضي الله عنه ، وحبّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم له. ففي «الصحيحين» ، عن عمرو بن العاص : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعثه على جيش ذات السلاسل ، فأتيته ، فقلت : أي الناس أحبّ إليك؟ قال : «عائشة» ، قلت : من الرجال؟ قال : «أبوها» ، قلت : ثم من؟ قال : «عمر ، وعدّ رجالا» (٦٨٦). وفيهما أيضا ، عن أبي الدرداء ، قال : كنت جالسا عند النبي صلىاللهعليهوسلم ، إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه ، حتى أبدى عن ركبتيه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أمّا صاحبكم فقد غامر» ، فسلّم ، وقال : [يا رسول الله] ، إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ، ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي [فأبى عليّ ، فأقبلت أليك] ، فقال : «يغفر الله لك يا أبا بكر ، ثلاثا» ، ثم إن عمر ندم ، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل : أثمّ أبو بكر؟ فقالوا : لا ، فأتى الى النبي صلىاللهعليهوسلم ، [فسلّم عليه] ، فجعل وجه النبي صلىاللهعليهوسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه ، فقال : يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم ، مرتين] ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : إن الله بعثني إليكم ، فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟ مرتين ، فما أوذي بعدها» (٦٨٧). ومعنى : غامر : غاضب وخاصم. ويضيق هذا المختصر عن ذكر فضائله.
وفي «الصحيحين» أيضا ، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
(٦٨٦) صحيح ، وهو في «كتاب السنة» لابن أبي عصم من طرق عن عمرو (١٢٣٣ ـ ١٢٣٦).
(٦٨٧) البخاري عن أبي الدرداء ، ولم أره عند مسلم ، ولم يعزه إليه في «الذخائر» ، ولا في «الجامع الكبير» ورواه ابن أبي عاصم (١٢٢٣) مقتصرا على المرفوع منه.