مات وأبو بكر بالسنح (٦٨٨) ـ فذكرت الحديث ـ الى أن قالت : واجتمعت الأنصار الى سعد بن عبادة ، في سقيفة بني ساعدة ، فقالوا : منا أمير ، ومنكم أمير! فذهب إليهم أبو بكر [الصديق] ، وعمر بن الخطاب ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، فذهب عمر يتكلم ، فأسكته أبو بكر ، وكان عمر يقول : والله ما أردت بذلك إلّا أني [قد] هيأت في نفسي كلاما قد أعجلني ، خشيت أن لا يبلغه أبو بكر! ثم تكلم أبو بكر ، فتكلم أبلغ الناس ، فقال في كلامه : نحن الأمراء ، وأنتم الوزراء ، فقال حباب ابن المنذر : لا والله لا نفعل ، منا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر : لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء. هم أوسط العرب ، وأعزهم أحسابا ، فبايعوا عمر [بن الخطاب] ، أو أبا عبيدة بن الجراح ، فقال عمر : بل نبايعك ، فأنت سيدنا ، وخيرنا ، وأحبّنا الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأخذ عمر بيده ، فبايعه ، وبايعه الناس ، فقال قائل : قتلتم سعدا ، فقال عمر : قتله الله (٦٨٩). والسّنح : العالية ، وهي حديقة بالمدينة معروفة بها.
قوله : (ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه).
ش : أي ونثبت الخلافة بعد أبي بكر رضي الله عنه ، [لعمر رضي الله عنه]. وذلك بتفويض أبي بكر الخلافة إليه ، واتفاق الأمة بعده عليه. وفضائله رضي الله عنه أشهر من أن تنكر ، وأكثر من أن تذكر. فقد روي عن محمد بن الحنفية أنه قال : قلت لأبي : فقلت يا أبت ، من خير الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : يا بني ، أوما تعرف؟ فقلت ؛ لا ، قال : أبو بكر ، قلت : ثم من؟ قال : عمر ، وخشيت أن يقول : ثم عثمان! فقلت : ثم أنت؟ فقال : ما أنا إلا رجل من
__________________
(٦٨٨) «السنح» ، بضم السين المهملة وسكون النون ـ ويجوز ضمها ـ وآخره حاء مهملة : طرف من أطراف المدينة بعواليها ، كان بينها وبين منزل النبي صلىاللهعليهوسلم ميل ، وكان بها منزل أبي بكر.
(٦٨٩) صحيح ، أخرجه البخاري دون مسلم خلافا للمصنف رحمهالله ، وروى طرفه الأخير ابن أبي عاصم (١١٦٦). ثم روى قصته قول الانصار : «منا أمير ومنكم أمير» من حديث ابن مسعود (١١٥٩) وكذلك رواه أحمد وغيره ، وهو مخرج في «الظلال».