المسلمين ، وجاءت أمّ المؤمنين حفصة والنساء يسرّن معها (٦٩٩) ، فلما رأيناها قمنا ، فولجت عليه ، فبكت عنده ساعة ، واستأذن الرجال ، فولجت داخلا لهم ، فسمعنا بكاءها من الداخل ، فقالوا : أوص يا أمير المؤمنين ، استخلف؟ قال : ما أجد (٧٠٠) أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط ، الذين توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو عنهم راض ، فسمى عليّا ، وعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وسعدا ، وعبد الرحمن ، وقال : يشهدكم عبد الله بن عمر ، وليس له من الأمر شيء ، كهيئة التعزية له ، فإن أصابت الإمارة سعدا فهو ذاك ، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر ، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة ، وقال : أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين ، أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم حرمتهم ، وأوصيه بالأنصار خيرا ، الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم ، أن يقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم. وأوصيه بأهل الأمصار خيرا ، فإنهم ردء الإسلام ، وجباة الأموال ، وغيظ العدو ، وأن لا يأخذ منهم إلا فضلهم ، عن رضاهم ، وأوصيه بالأعراب خيرا ، فإنهم أصل العرب ، ومادة الإسلام ، أن يأخذ من حواشي أموالهم ، وأن تردّ على فقرائهم ، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله ، أن يوفى لهم بعهدهم ، وأن يقاتل من ورائهم ، ولا يكلّفوا [إلا طاقتهم] ، فلما قبض خرجنا به ، فانطلقنا نمشي ، فسلّم عبد الله بن عمر ، قال : يستأذن عمر بن الخطاب؟ قالت : أدخلوه ، فأدخل ، فوضع هنالك مع صاحبيه ، فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط ، فقال عبد الرحمن : اجعلوا أمركم الى ثلاثة منكم ، قال الزبير : [قد جعلت أمري الى علي ، فقال طلحة] : قد جعلت أمري الى عثمان ، وقال سعد : قد جعلت أمري الى عبد الرحمن [بن عوف] ، فقال عبد الرحمن : أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه؟ والله عليه والاسلام لينظرنّ أفضلهم في نفسه ، فأسكت الشيخان ، فقال عبد الرحمن : أفتجعلونه إليّ؟ والله عليّ أن لا آلو عن أفضلكم؟ قالا : نعم ، فأخذ بيد أحدهما ، فقال : لك قرابة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم والقدم في الاسلام ما قد علمت ، فالله عليك ،
__________________
(٦٩٩) كذا الأصل ، وفي البخاري : «تسير معها».
(٧٠٠) في الاصل ؛ ما أحد.