بن سارية ، قال : وعظنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم موعظة بليغة ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقال قائل : يا رسول الله ، كأن هذه موعظة مودّع ، فما ذا تعهد إلينا؟ فقال : «أوصيكم بالسمع والطاعة ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها ، وعضّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة» (٧١٥). وترتيب الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين في الفضل ، كترتيبهم في الخلافة. ولأبي بكر وعمر رضي الله عنهما من المزية : أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمرنا باتباع سنة الخلفاء الراشدين ، ولم يأمرنا في الاقتداء في الافعال إلا بأبي بكر وعمر ، فقال : «اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر» (٧١٦) ، وفرق بين اتباع سنتهم والاقتداء بهم ، فحال أبي بكر وعمر فوق حال عثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين. وقد روي عن أبي حنيفة تقديم علي على عثمان ، ولكن ظاهر مذهبه تقديم عثمان [على علي]. وعلى هذا عامة أهل السنة. [وقد] تقدم (٧١٧) قول عبد الرحمن بن عوف لعلي رضي الله عنهما : إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان. وقال أيوب السختياني من لم يقدّم عثمان على علي فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. وفي «الصحيحين» عن ابن عمر ، قال : كنا نقول ورسول الله صلىاللهعليهوسلم حيّ : أفضل أمة النبي صلىاللهعليهوسلم بعده ـ أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان (٧١٨).
قوله : (وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبشرهم بالجنة ، نشهد لهم بالجنة ، على ما شهد لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقوله الحق ، وهم : أبو بكر ، وعمر ،
__________________
(٧١٥) صحيح ، وتقدم.
(٧١٦) صحيح ، وتقدم الحديث (برقم ٦٧٥).
(٧١٧) ص ٤٨١ في قصة البيعة لعثمان.
(٧١٨) صحيح ، أخرجه أبو داود بسند صحيح عنه ، وهو عند البخاري بنحوه ، ولم يخرجه مسلم. وأخرجه ابن أبي عاصم من طرقه (١١٩٠ ـ ١١٩٩) من طرق عن ابن عمر وأحدها عن أبي هريرة ، وهي مخرجة في «ظلال الجنة» (٢ / ٥٦٦ ـ ٥٦٩).