قوله : (ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأزواجه الطاهرات من كل دنس ، وذرّياته المقدسين من كل رجس ، فقد برئ من النفاق).
ش : تقدم بعض ما ورد في الكتاب والسنة من فضائل الصحابة رضي الله عنهم. وفي «صحيح مسلّم» ، عن زيد بن أرقم ، قال : قام فينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطيبا ، بماء يدعى : خمّا ، بين مكة والمدينة ، فقال : «أما بعد ، ألا أيها الناس ، فإنما أنا بشر ، يوشك أن يأتي رسول ربي ، فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله ، فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغّب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، ثلاثا» (٧٣٨). وخرج البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، قال : ارقبوا محمدا في أهل بينه (٧٣٩).
وإنما قال الشيخ رحمهالله : فقد برئ من النفاق ـ لأن أصل الرفض إنما أحدثه منافق زنديق ، قصده إبطال دين الإسلام ، والقدح في الرسول صلىاللهعليهوسلم ، كما ذكر ذلك العلماء. فإن عبد الله بن سبأ لما أظهر الاسلام ، أراد أن يفسد دين الاسلام بمكره وخبثه ، كما فعل بولس بدين النصرانية ، فأظهر التنسك ، ثم أظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى سعى في فتنة عثمان وقتله ، ثم لما قدم علي الكوفة أظهر الغلوّ في عليّ والنصر له ، ليتمكن بذلك من أغراضه ، وبلغ ذلك عليّا ، فطلب قتله ، فهرب منه الى قرقيس. وخبره معروف في التاريخ. وتقدم أن من فضّله على أبي بكر وعمر جلده جلد المفتري. وبقيت في نفوس المبطلين خمائر بدعة الخوارج ، من الحرورية والشيعة ، ولهذا كان الرفض باب الزندقة ، كما حكاه القاضي أبو بكر ابن الطيب (٧٤٠) عن الباطنية وكيفية إفسادهم لدين الاسلام ، قال : فقالوا للداعي : يجب عليك إذا وجدت من تدعوه مسلما أن تجعل التشيع عنده دينك وشعارك ، واجعل المدخل من جهة ظلم السلف لعليّ وقتلهم الحسين ، والتبرّي من
__________________
(٧٣٨) صحيح ، ورواه ابن أبي عاصم أيضا في «السنة» (١٥٥٠ و ١٥٥١ و ١٥٥٥).
(٧٣٩) صحيح البخاري (٣٧١٣ و ٣٧٥١).
(٧٤٠) هو أبو بكر الباقلاني ، محمد بن الطيب.