لكن الولاية لم تختم! وادعى من الولاية ما هو أعظم من النبوة وما يكون للأنبياء والمرسلين ، وأن الأنبياء مستفيدون منها! كما قال :
مقام النبوة في برزخ |
|
فويق الرسول ودون الولي! |
وهذا قلب للشريعة ، فإن الولاية ثابتة للمؤمنين المتقين ، كما قال تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) يونس : ٦٢ ـ ٦٣. والنبوة أخص من الولاية ، والرسالة أخصّ من النبوة ، كما تقدم التنبيه على ذلك (٧٤٥). وقال ابن عربي أيضا في «فصوصه» :
«ولما مثّل النبي صلىاللهعليهوسلم النبوة بالحائط من اللبن فرآها قد كملت إلا موضع لبنة ، فكان هو صلىاللهعليهوسلم موضع اللبنة ، [غير أنه صلىاللهعليهوسلم لا يراها ، كما قال : لبنة واحدة] ، وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤية ، فيرى ما مثّله النبي صلىاللهعليهوسلم ، ويرى نفسه في الحائط في موضع لبنتين!! ويرى نفسه تنطبع في موضع اللبنتين ، فتكمل الحائط!! والسبب الموجب لكونه يراها لبنتين : أن الحائط لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، واللبنة الفضة هي ظاهره وما يتبعه فيه من الأحكام ، كما هو أخذ عن الله في الشرع (٧٤٦) ما هو في الصورة الظاهرة متبع فيه ، لانه يرى الامر على ما هو عليه ، فلا بد أن يراه هكذا ، وهو موضع اللبنة الذهبية في الباطن! فإنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى إليه الى الرسول صلىاللهعليهوسلم ، قال : فإن فهمت ما أشرنا إليه فقد حصل لك العلم النافع!» (٧٤٧) فمن أكفر ممن ضرب لنفسه المثل بلبنة ذهب ، وللرسل المثل بلبنة فضة ، فيجعل نفسه أعلى وأفضل من الرسل؟! تلك أمانيهم : (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ) غافر : ٥٦. وكيف يخفى كفر من هذا كلامه؟ وله من الكلام أمثال هذا ، وفيه ما يخفى منه الكفر ، ومنه ما يظهر ، فلهذا يحتاج الى نقد جيد ، ليظهر زيفه ، فإن من الزغل ما يظهر لكل ناقد ،
__________________
(٧٤٥) ص ١٥٨.
قال عفيفي : انظر ص ٢٣١ ـ ٢٣٢ أول رفع الملام من «مجموع الفتاوى» ج ٢٠.
(٧٤٦) في الاصل : السر.
(٧٤٧) «فصوص الحكم» (١ / ٦٣) تعليق أبو العلاء عفيفي ، والزيادة منه.