ومنه ما لا يظهر إلا للناقد الحاذق البصير (٧٤٨). وكفر ابن عربي وأمثاله فوق كفر القائلين : (لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ) الانعام : ١٢٤. ولكن ابن عربي وأمثاله منافقون زنادقة ، اتحادية في الدرك الأسفل من النار ، والمنافقون يعاملون معاملة المسلمين ، لإظهارهم الإسلام ، كما كان يظهره المنافقون في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ويبطنون الكفر ، وهو يعاملهم معاملة المسلمين لما يظهر منهم. فلو أنه ظهر من أحد منهم ما يبطنه من الكفر ، لأجرى عليه حكم المرتد. ولكن في قبول توبته خلاف ، والصحيح عدم قبولها ، وهي رواية معلى عن أبي حنيفة رضي الله عنه. والله المستعان.
قوله ؛ (ونؤمن بما جاء من كراماتهم ، وصح عن الثقات من رواياتهم).
ش : فالمعجزة في اللغة تعم كل خارق للعادة ، و [كذلك الكرامة] في عرف أئمة أهل العلم المتقدمين. ولكن كثير من المتأخرين يفرقون في اللفظ بينهما ، فيجعلون المعجزة للنبي ، والكرامة للولي. وجماعها : الأمر الخارق للعادة. فصفات الكمال ترجع الى ثلاثة : العلم ، والقدرة ، والغنى. وهذه الثلاثة لا تصلح على الكمال إلا لله وحده ، فإنه الذي أحاط بكل شيء علما ، وهو على كل شيء قدير ، وهو غني عن العالمين. ولهذا أمر النبي صلىاللهعليهوسلم أن يتبرأ من دعوى هذه الثلاثة بقوله : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ ، وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ، وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) الانعام : ٥٠. وكذلك قال نوح عليهالسلام ، فهذا أول أولي العزم ، وأول رسول بعثه الله الى أهل الارض ، وهذا خاتم الرسل ، وخاتم أولي العزم ، وكلاهما تبرأ من ذلك ، وهذا لأنهم يطالبونهم تارة بعلم الغيب ، كقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) النازعات : ٤٢ ، وتارة بالتأثير ، كقوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) الاسراء : ٩٠. الآيات ، وتارة يعيبون عليهم الحاجة البشرية ، كقوله تعالى : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) الفرقان : ٧ ، الآية. فأمر الرسول أن
__________________
(٧٤٨) قال عفيفي : انظر الرد على ابن عربي فيما نقل هنا عنه في ص ٢٠٤ وما بعدها ج ٢ من مجموع الفتاوى» لابن تيمية.