تاثيرها صالحا ، وإن كانت فاسدة كان تأثيرها فاسدا. فالأحوال يكون تأثيرها محبوبا لله تعالى تارة ، ومكروها لله أخرى.
وقد تكلم الفقهاء في وجوب القود على من يقتل غيره في الباطن. وهؤلاء يشهدون بواطنهم وقلوبهم الأمر الكوني ، ويعدّون مجرد خرق العادة لأحدهم أنه كرامة من الله له ، ولا يعلمون أنه في الحقيقة انما الكرامة لزوم الاستقامة ، وأن الله تعالى لم يكرم عبدا بكرامة أعظم من موافقته فيما يحبه ويرضاه ، وهو طاعته وطاعة رسوله ، وموالاة أوليائه ، ومعاداة أعدائه. وهؤلاء هم أولياء الله الذين قال الله فيهم : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) يونس : ٦٢.
وأما ما يبتلي الله به عبده ، من السر بخرق العادة أو بغيرها أو بالضرّاء ـ فليس ذلك لأجل كرامة العبد على ربه ولا هو انه عليه ، بل قد سعد بها قوم إذا أطاعوه ، وشقي بها قوم إذا عصوه ، كما قال تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ ، فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ. وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ، فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ ، كَلَّا) الفجر : ١٥ ـ ١٧. ولهذا كان الناس في هذه الأمور ثلاثة أقسام :
قسم ترتفع درجتهم بخرق العادة.
قسم يتعرضون بها لعذاب الله.
وقسم يكون في حقهم بمنزلة المباحات ، كما تقدم.
وتنوع الكشف والتأثير باعتبار تنوع كلمات الله. وكلمات الله نوعان : كونية ، ودينية :
فكلماته الكونية هي التي استعاذ بها النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : «أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر» (٧٥٠). قال تعالى : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس : ٨٢. وقال تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) الانعام : ١١٥. والكون كله داخل تحت هذه الكلمات ، وسائر الخوارق.
والنوع الثاني : الكلمات الدينية ، وهي القرآن وشرع الله الذي بعث به
__________________
(٧٥٠) صحيح ، وتقدم غير مرة.