تَثْبِيتاً. وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً. وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) النساء : ٦٦ ـ ٦٨. وقال تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) يونس : ٦٢ ـ ٦٤. وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله» ثم قرأ قوله : «(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) الحجر : ٧٥» (٧٥٢). رواه الترمذي من رواية أبي سعيد الخدري. وقال تعالى ، فيما يرويه عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من عادى لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة ، وما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ، ولا يزال عبد يتقرب إليّ بالنوافل ، حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينّه ، ولئن استعاذني لأعيذنّه ، وما تردّدت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن ، يكره الموت ، وأكره مساءته ، ولا بد له منه» (٧٥٣).
فظهر أن الاستقامة حظّ الرب ، وطلب الكرامة حظ النفس. وبالله التوفيق.
وقول المعتزلة في إنكار الكرامة : ظاهر البطلان ، فإنه بمنزلة إنكار المحسوسات. وقولهم : لو صحت لأشبهت المعجزة ، فيؤدي الى التباس النبي صلىاللهعليهوسلم بالولي ، وذلك لا يجوز! وهذه الدعوى إنما تصح إذا كان الولي يأتي بالخارق ويدعي النبوة ، وهذا لا يقع ، ولو ادعى النبوة لم يكن وليّا ، بل كان متنبئا كذّابا ، وقد تقدم الكلام في الفرق بين النبي والمتنبّئ ، عند قول الشيخ : وأن محمدا عبده المجتبى ونبيه المصطفى (٧٥٤).
ومما ينبغي التنبيه عليه هاهنا : أن الفراسة ثلاثة أنواع :
إيمانية ، وسببها نور يقذفه الله في قلب عبده ، وحقيقتها أنها خاطر بهجم (٧٥٥) ،
__________________
(٧٥٢) ضعيف فيه عند الترمذي ، وغيره عطية العوفي وهو ضعيف مدلس ، وهو مخرج في «الاحاديث الضعيفة» (١٨٢١).
(٧٥٣) صحيح ، أخرجه البخاري ، وقد مضى بيان ما فيه (الحديث رقم ٤٥٨).
(٧٥٤) ص ١٤٩ ـ ١٥٧.
(٧٥٥) في الاصل : يهجر ، ويبدو أن الصحيح : يهجم.