(وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) طه : ٦٩. وقال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) النساء : ٥١. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره : الجبت السحر (٧٧٣). وفي «صحيح البخاري» ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان لأبي بكر غلام يأكل من خراجه ، فجاء يوما بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ممّ هذا؟ قال : وما هو؟ قال :كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية ، وما أحسن الكهانة ، إلا أني خدعته ، فلقيني ، فأعطاني بذلك ، فهذا الذي أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه (٧٧٤).
والواجب على ولي الأمر وكل قادر أن يسعى في إزالة هؤلاء المنجمين والكهان والعرافين وأصحاب الضرب بالرمل والحصى والقرع والقالات (٧٧٥) ، ومنعهم من الجلوس في الحوانيت والطرقات ، أو يدخلوا على الناس في منازلهم لذلك. ويكفي من يعلم تحريم ذلك ولا يسعى في إزالته ، مع قدرته على ذلك ـ قوله تعالى : (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ ، لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) المائدة : ٧٩. وهؤلاء الملاعين يقولون الإثم ويأكلون السحت ، بإجماع المسلمين. وثبت في «السنن» عن النبي صلىاللهعليهوسلم برواية الصديق رضي الله عنه (٧٧٦) ، أنه قال : «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه» (٧٧٧).
وهؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال الخارجة عن الكتاب والسنة ، أنواع : نوع منهم : أهل تلبيس وكذب وخداع ، الذين يظهر أحدهم طاعة الجن له ، أو يدعي الحال من أهل المحال ، من المشايخ النصابين ، والفقراء الكاذبين ، والطرقية المكارين ، فهؤلاء يستحقون العقوبة البليغة التي تردعهم وأمثالهم عن الكذب والتلبيس. وقد يكون في هؤلاء من يستحق القتل ، كمن يدعي النبوة بمثل هذه
__________________
(٧٧٣) في الأصل : السحرة ، وكلاهما مستقيم.
(٧٧٤) صحيح ، وهو في «مناقب الأنصار» (٣٨٤٢) مع شيء من الاختصار.
(٧٧٥) في الاصل : الفالات أو الغالات.
(٧٧٦) قال عفيفي : انظر ص ٤٢٢ ج ٣ من «مجموع الفتاوى» لابن تيمية.
(٧٧٧) صحيح ، وهو مخرج في المشكاة» (٥١٤٢).