الخزعبلات ، أو يطلب تغيير شيء من الشريعة ، ونحو ذلك. ونوع يتكلم في هذه الأمور على سبيل الجد والحقيقة ، بأنواع السحر. وجمهور العلماء يوجبون قتل الساحر ، كما هو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في المنصوص عنه ، وهذا هو المأثور عن الصحابة ، كعمر وابنه وعثمان وغيرهم. ثم اختلف هؤلاء : هل يستتاب أم لا؟ وهل يكفر بالسحر؟ أم يقتل لسعيه في الأرض بالفساد؟ وقال طائفة : إن قتل بالسحر يقتل ، وإلا عوقب بدون القتل ، إذا لم يكن في قوله وعمله كفر ، وهذا هو المنقول عن الشافعي ، وهو قول في مذهب أحمد.
وقد تنازع العلماء في حقيقة السحر وأنواعه : والأكثرون يقولون : إنه قد يؤثر في موت المسحور ومرضه من غير وصول شيء ظاهر إليه ، وزعم بعضهم أنه مجرد تخييل. واتفقوا كلهم على أن ما كان من جنس دعوة الكواكب السبعة ، أو غيرها ، أو خطابها ، أو السجود لها ، والتقرب إليها بما يناسبها من اللباس والخواتم والبخور ونحو ذلك ـ فإنه كفر ، وهو من أعظم أبواب الشرك ، فيجب علقه ، بل سدّه. وهو من جنس فعل قوم إبراهيم عليهالسلام ، ولهذا قال ما حكى الله عنه بقوله : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ. فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) الصافات : ٨٨ ـ ٨٩. وقال تعالى : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً) الانعام : ٧٦ ، الآيات ، الى قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) الانعام : ٨٢. واتفقوا كلهم أيضا على أن كل رقية وتعزيم أو قسم ، فيه شرك بالله ، فإنه لا يجوز التكلم به ، وإن أطاعته به الجن أو غيرهم ، وكذلك كل كلام فيه كفر لا يجوز التكلم به ، وكذلك الكلام الذي لا يعرف معناه لا يتكلم به ، لإمكان أن يكون فيه شرك لا يعرف. ولهذا قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا» (٧٧٨). ولا يجوز الاستعاذة بالجن ، فقد ذم الله الكافرين على ذلك ، فقال تعالى : (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) الجن : ٦. قالوا : كان الإنسي إذا نزل بالوادي يقول : أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه ، فيبيت في أمن وجوار حتى يصبح ، (فَزادُوهُمْ رَهَقاً) الجن : ٦ ، يعني الإنس للجن ،
__________________
(٧٧٨) مسلّم من حديث عوف بن مالك الأشجعي.