نسبته إليه ، فإن الجنة إنما خلقت لأولي الألباب ، الذين أرشدتهم عقولهم وألبابهم الى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. وقد ذكر الله أهل الجنة بأوصافهم في كتابه ، فلم يذكر في أوصافهم البله ، الذي هو ضعف العقل ، وإنما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء» (٧٨٦). ولم يقل البله!
والطائفة الملاميّة ، وهم الذين يفعلون ما يلامون عليه ، ويقولون نحن متبعون في الباطن ، ويقصدون إخفاء المرائين! ردوا باطلهم بباطل آخر!! والصراط المستقيم بين ذلك. وكذلك الذين يصعقون عند سماع الأنغام الحسنة ، مبتدعون ضالون! وليس للإنسان أن يستدعي ما يكون سبب زوال عقله! ولم يكن في الصحابة والتابعين من يفعل ذلك ، ولو عند سماع القرآن ، بل كانوا كما وصفهم الله تعالى : (إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ، وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً ، وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) الانفال : ٢. وكما قال تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ ، تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ، ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ، ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) الزمر : ٢٣.
__________________
ـ وزاد : «وأعلى عليين لأولي الالباب». رواه عبد الوهاب الكلابي في «حديثه» (ق ١٧٦ / ٢) بسنده عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه. وعبد العزيز صدوق يخطئ كما في «التقريب» وفيه من لم أجد من ترجمه. وفي هذه الرواية رد على من قال إن هذه الزيادة لم يوجد لها أصل وأنها مدرجة من كلام أحمد بن أبي الحواري ، فإن أحمد هذا ليس له ذكر في هذه الرواية.
وانما اطلت الكلام على هذا الحديث لأني رأيت الشيخ أحمد شاكر رحمهالله علق عليه بقوله : «ومجموع ما قيل فيه : انه لا اصل له»! ولا أعلم أحدا من العلماء أطلق هذا القول على الحديث ، وانما قال ذلك بعضهم في الزيادة المذكورة كما تقدم واذا كان مردودا فيها ، فرده عن أصل الحديث أولى وأخرى ، ولا يجوز في اصطلاح المحدثين أن يقال في حديث له سند واحد أو أكثر ولو كان ضعيفا : لا أصل له. فليعلم ذلك.
(٧٨٦) أخرجه مسلّم من حديث ابن عباس ، والبخاري عن عمران ، وهما مخرجان في «الضعيفة» (٢٨٠٠) تحت حديث آخر وقع فيه زيادة منكرة.