قراءة أمّ القرآن في كل ركعة ، إمّا فرضا أو ايجابا ، على حسب اختلاف العلماء في ذلك ، لاحتياج العبد الى هذا الدعاء العظيم القدر ، المشتمل على أشرف المطالب وأجلّها. فقد أمرنا الله تعالى أن نقول : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) الفاتحة : ٥ ـ ٧. وقد ثبت عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون» (٨١١). وثبت في «الصحيح» عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لنتبعنّ سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» ، قالوا : يا رسول الله : اليهود والنصارى؟ قال ؛ «فمن؟!» (٨١٢).
قال طائفة من السلف : من انحرف من العلماء ففيه شبه من اليهود ، ومن انحرف من العباد ففيه شبه من النصارى. فلهذا تجد أكثر المنحرفين من أهل الكلام ، من المعتزلة ونحوهم ـ فيه شبه من اليهود ، حتى ان علماء اليهود يقرءون كتب شيوخ المعتزلة ، ويستحسنون طريقتهم ، وكذا شيوخ المعتزلة يميلون الى اليهود ويرجحونهم على النصارى. وأكثر المنحرفين من العبّاد ، من المتصوفة ونحوهم ـ فيهم شبه من النصارى ، ولهذا يميلون الى نوع من الرهبانية والحلول والاتحاد ونحو ذلك. وشيوخ هؤلاء يذمون الكلام وأهله ، وشيوخ أولئك يعيبون طريقة هؤلاء ويصنفون في ذم السماع والوجد وكثير من الزهد والعبادة التي أحدثها هؤلاء.
__________________
(٨١١) صحيح ، رواه الترمذي وغيره ، وصححه ابن حبان (١٧١٥ ، ٢٢٧٩).
(٨١٢) متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، وهو مخرج فيما علقته على «إصلاح المساجد» للشيخ القاسمي رقم (٣١) ، ورواه ابن أبي عاصم في «السنة» (٧٤ و ٧٥) مع شواهد له (٧٢ و ٧٣) ، وله شاهد آخر مخرج في «الصحيحة» (٦٣٤٨).
«وسبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله الا أنت ، استغفرك وأتوب أليك».
دمشق ١١ / ١٢ / ١٣٨١ |
محمد ناصر الدين الالباني |
ثم أعدت النظر فيه ، واستدركت ما كان فاتني من التخريج ، مع إضافات كثيرة مفيدة على التخريجات السابقة ، وتصحيح بعض الأخطاء المطبعية غير المصححة في فهرس الخطأ والصواب. والله تعالى هو الموفق.
دمشق ١١ / ١٢ / ١٣٨١ |
محمد ناصر الدين الالباني |