بسم الله الرّحمن الرّحيم
وبه نستعين
الحمد لله [، نحمده ، و] نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد : فإنه لما كان علم أصول الدين أشرف العلوم ، اذ شرف العلم بشرف المعلوم ، وهو الفقه الاكبر بالنسبة الى فقه الفروع ، ولهذا سمى الامام أبو حنيفة رحمة الله عليه ما قاله وجمعه في أوراق من أصول الدين : «الفقه الأكبر» وحاجة العباد إليه فوق كل حاجة ، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة ، لأنه لا حياة للقلوب ، ولا نعيم ولا طمأنينة ، الا بأن تعرف ربّها ومعبودها وفاطرها ، بأسمائه وصفاته وأفعاله. ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه ، ويكون سعيها فيما يقربها إليه دون غيره من سائر خلقه.
ومن المحال أن تستقل العقول بمعرفة ذلك وادراكه على التفصيل ، فاقتضت رحمة العزيز الرحيم أن بعث الرسل به معرّفين ، وإليه داعين ، ولمن أجابهم مبشرين ، ولمن خالفهم منذرين ، وجعل مفتاح دعوتهم ، وزبدة رسالتهم ، معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله ، اذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة كلها من أولها الى آخرها.
ثم يتبع ذلك أصلان عظيمان :