لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) الصافات : ١٨٠ ـ ١٨٢. فنزّه نفسه سبحانه عما يصفه به الكافرون ، ثم سلّم على المرسلين ، لسلامة ما وصفوه به من النقائص والعيوب ، ثم حمد نفسه على تفرده بالاوصاف التي يستحق عليها كمال الحمد.
ومضى على ما كان عليه الرسول صلىاللهعليهوسلم خير القرون ، وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، يوصي به الأول الآخر (٤) ويقتدي فيه اللاحق بالسابق. وهم في ذلك كله بنبيهم محمد صلىاللهعليهوسلم مقتدون ، وعلى منهاجه سالكون ، كما قال تعالى في كتابه العزيز : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يوسف : ١٠٨. فان كان قوله : (ومن اتّبعني) معطوفا على الضمير في (أدعو) ، فهو دليل على أن أتباعه هم الدعاة الى الله (٥). وان كان معطوفا على الضمير المنفصل ، فهو صريح أن أتباعه هم أهل البصيرة فيما جاء به دون غيرهم ، وكلا المعنيين حق.
وقد بلّغ الرسول صلىاللهعليهوسلم البلاغ المبين ، وأوضح الحجة للمستبصرين ، وسلك سبيله خير ـ القرون.
ثم خلف من بعدهم خلف اتبعوا أهواءهم ، وافترقوا ، فأقام الله لهذه الامة من يحفظ عليها أصول دينها ، كما أخبر الصادق صلىاللهعليهوسلم بقوله : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم» (٦).
وممن قام بهذا الحق من علماء المسلمين : الامام أبو جعفر احمد بن محمد بن سلامة الازدي الطحاوي ، تغمده الله برحمته ، بعد المائتين ، فإن مولده سنة تسع وثلاثين ومائتين ، ووفاته [سنة احدى وعشرين] وثلاثمائة (٧).
__________________
(٤) في الاصل : للآخر.
(٥) قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي : انظر «موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول» لشيخ الاسلام ابن تيمية ص ٢٧ / ٣٠ و ٩٥ الجزء الأول.
كل تعليقات استاذنا الشيخ عبد الرزاق عفيفي محالة على طبعة «السنة النبوية» بتحقيق الشيخ حامد الفقي ـ رحمهالله ـ ولكن الكتاب طبع بتحقيق جديد متقن من قبل الدكتور محمد رشاد سالم بأحد عشر مجلدا باسم «درء تعارض العقل والنقل».
(٦) متفق عليه من حديث جمع من الصحابة ، «الصحيحة» (٢٧٠).
(٧) تجد ترجمته مفصلة في : «تذكرة الحفاظ» للذهبي ٣ : ٢٨ ـ ٢٩ و «تاريخ ابن كثير» ـ