أقبح من كفر النصارى ، فإن النصارى خصوه بالمسيح ، وهؤلاء عموا (١٥) جميع المخلوقات. ومن فروع هذا التوحيد : أن فرعون وقومه كاملو الايمان ، عارفون بالله على الحقيقة.
ومن فروعه : أن عبّاد الاصنام على الحق والصواب ، وأنهم انما عبدوا الله لا غيره.
ومن فروعه : أنه لا فرق في التحريم التحليل بين الام والاخت والاجنبية ، ولا فرق بين الماء والخمر ، والزنا والنكاح ، والكل من عين واحدة ، لا بل هو العين الواحدة.
ومن فروعه : أن الأنبياء ضيقوا على الناس.
تعالى الله عما يقولون علوّا كبيرا.
وأما الثاني : وهو توحيد الربوبية ، كالاقرار بأنه خالق كل شيء ، وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان في الصفات والافعال ، وهذا التوحيد حق لا ريب فيه ، وهو الغاية عند كثير من أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية ، وهذا التوحيد لم يذهب الى نفيضة طائفة معروفة من بني آدم ، بل القلوب مفطورة على الاقرار به أعظم من كونها مفطورة على الاقرار بغيره من الموجودات ، كما قالت الرسل فيما حكى الله عنهم : (قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ابراهيم : ١٠.
وأشهر من عرف تجاهله وتظاهره بانكار الصانع فرعون ، وقد كان مستيقنا به في الباطن ، كما قال له موسى : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ) الاسراء : ١٠٢. وقال تعالى عنه وعن قومه : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) النمل : ١٤. ولهذا [لما] قال : وما رب العالمين؟ على وجه الانكار له تجاهل العارف ، قال [له] موسى : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ. قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ. قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ
__________________
(١٥) في الاصل : عمموا
.