لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) الحاقة ٤٤ ـ ٤٧. وسيأتي لذلك زيادة بيان ان شاء الله تعالى. ويستدل أيضا بأسمائه وصفاته على وحدانيته وعلى بطلان الشرك ، كما في قوله تعالى : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الحشر : ٢٣. وأضعاف ذلك في القرآن. وهذه الطريق قليل سالكها ، لا يهتدي إليها الا الخواصّ. وطريقة الجمهور الاستدلال بالآيات المشاهدة ، لانها أسهل تناولا وأوسع. والله سبحانه يفضّل بعض خلقه على بعض.
فالقرآن العظيم قد اجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره ، فانه الدليل والمدلول عليه ، والشاهد والمشهود له. قال تعالى لمن طلب آية تدل على صدق رسوله : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) العنكبوت : ٥١ الآيات.
واذا عرف أن توحيد الالهية هو التوحيد الذي أرسلت به الرسل وأنزلت به الكتب ، كما تقدمت إليه الاشارة ـ فلا يلتفت الى قول من قسم التوحيد الى ثلاثة أنواع ، وجعل هذا النوع توحيد العامة ، والنوع الثاني توحيد الخاصة ، وهو الذي يثبت بالحقائق ، والنوع الثالث توحيد قائم بالقدم ، وهو توحيد خاصة الخاصة ، فإن أكمل الناس توحيد الأنبياء [صلوات الله عليهم ،] والمرسلون منهم أكمل في ذلك ، وأولو العزم من الرسل أكملهم توحيدا ، وهم : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد ، صلى الله وسلم عليهم أجمعين. وأكملهم توحيدا الخليلان : محمد وإبراهيم ، صلوات الله عليهما وسلامه ، فانهما قاما من التوحيد بما لم يقم به غيرهما علما ، ومعرفة ، وحالا ، ودعوة للخلق وجهادا ، فلا توحيد أكمل من الذي قامت به الرسل ، ودعوا إليه ، وجاهدوا الامم عليه. ولهذا أمر سبحانه نبيه ان يقتدي بهم فيه ، كما قال تعالى ، بعد ذكر مناظرة ابراهيم قومه في بطلان الشرك وصحة التوحيد وذكر الأنبياء من ذريته : ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) الانعام : ٩٠. فلا أكمل من توحيد من أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يقتدي بهم. وكان صلىاللهعليهوسلم يعلم أصحابه اذا أصبحوا أن يقولوا : «أصبحنا على فطرة الاسلام