وكلمة الاخلاص ودين نبينا محمد وملة أبينا ابراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين» (٣٢). فملة ابراهيم : التوحيد ، ودين محمد صلىاللهعليهوسلم : ما جاء به من عند الله قولا وعملا واعتقادا. وكلمة الاخلاص : هي شهادة أن لا إله الا الله. وفطرة الاسلام : هي ما فطر عليه عباده من محبته وعبادته وحده لا شريك له ، والاستسلام له عبودية وذلا وانقيادا وإنابة.
فهذا توحيد خاصة الخاصة ، الذي من رغب عنه فهو من أسفه السفهاء. قال تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ. إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) البقرة : ١٣١ ، ١٣٢. وكل من له حس سليم وعقل يميز به ، لا يحتاج في الاستدلال الى اوضاع أهل الكلام والجدل واصطلاحهم وطرقهم البتة ، بل ربما يقع بسببها في شكوك وشبه يحصل له بها الحيرة والضلال والريبة ، فإن التوحيد انما ينفع اذا سلم قلب صاحبه من ذلك ، وهذا هو القلب السليم الذي لا يفلح الا من أتى الله به. ولا شك أن النوع الثاني والثالث من التوحيد الذي ادعوا انه توحيد الخاصة وخاصة الخاصة ، ينتهي الى الفناء الذي يشمّر إليه غالب الصوفية ، وهو درب خطر ، يفضي الى الاتحاد. انظر الى ما أنشد شيخ الاسلام ابو اسماعيل الانصاري رحمهالله تعالى حيث يقول :
ما وحد الواحد من واحد |
|
اذ كل من وحده جاحد |
توحيد من ينطق عن نعته |
|
عارية أبطلها الواحد |
توحيده اياه توحيده |
|
ونعت من ينعته لاحد |
__________________
(٣٢) حديث صحيح. أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد «المسند» (٥ / ١٢٣) عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبي بن كعب قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعلمنا اذا أصبحنا : أصبحنا على فطرة الاسلام .. الحديث. وفي آخره : واذا أمسينا مثل ذلك. وسنده ضعيف. لكن أخرجه أحمد (٣ / ٤٠٦ ، ٤٠٧) والدارمي (٢ / ٢٩٢) وابن السني في «اليوم والليلة» (رقم ٣٢) من طريقين آخرين عن عبد الرحمن بن أبزى قال : «كان النبي صلىاللهعليهوسلم اذا أصبح قال» فذكره. وسنده صحيح.