السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ، رد على النفاة المعطلة ، فمن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق ، فهو المشبّه المبطل المذموم ، ومن جعل صفات المخلوق مثل صفات الخالق ، فهو نظير النصارى في كفرهم ، ويراد به أنه لا يثبت لله شيء من الصفات ، فلا يقال : [له] قدرة ، ولا علم ، ولا حياة ، لأن العبد موصوف بهذه الصفات! ولازم هذا القول أنه لا يقال له : حي ، عليم ، قدير ، لأن العبد يسمى بهذه الاسماء ، وكذلك كلامه وسمعه وبصره (٣٤) [وارادته] وغير ذلك. وهم يوافقون أهل السنة على أنه موجود ، عليم قدير ، حي. والمخلوق يقال له : موجود حي عليم قدير ، ولا يقال : هذا تشبيه يجب نفيه ، وهذا مما دل عليه الكتاب والسنة وصريح العقل ، ولا يخالف فيه عاقل ، فإن الله سمى نفسه بأسماء ، وسمى بعض عباده بها ، وكذلك سمى صفاته بأسماء ، وسمى ببعضها صفات خلقه ، وليس المسمّى كالمسمي فسمى نفسه : حيا ، عليما ، قديرا ، رءوفا ، رحيما ، عزيزا ، حكيما ، سميعا ، بصيرا ، ملكا ، مؤمنا ، جبارا ، متكبرا. وقد سمى بعض عباده بهذه الاسماء فقال : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) الانعام : ٩٥ والروم : ١٩. (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) الذاريات : ٢٨. (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) الصافات : ١٠١. (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) التوبة : ١٢٨. (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً). الدهر : ٢. (قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ) يوسف : ٥١. (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) الكهف : ٧٩. (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) السجدة : ١٨. (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) المؤمن : ٣٥. ومعلوم أنه لا يماثل الحيّ الحيّ ، ولا العليم العليم ، ولا العزيز العزيز ، وكذلك سائر الاسماء ، وقال تعالى : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) البقرة : ٢٥٥. (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) النساء : ١٦٦. (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) فاطر : ١١ (إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) الذاريات : ٥٨. (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) حم السجدة : ١٥. وعن جابر رضي الله عنه قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعلمنا الاستخارة في الامور
__________________
(٣٤) في الاصل : وبصره ورؤيته وهما واحد ، ولعل المقصود بصره وإرادته كما هو في احدى النسخ المطبوعة.