وأي نكر في هذا بعد أنْ وقع مثله بنصِّ الكتاب الكريم ، ألم يسمع المتهوّسون قصة ابن العجوز الَّتي قصّها اللهّ سبحانه بقوله تعالى : ( ألَمْ تَرَ إلى الَّذينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهمْ أُلوُفٌ حَذَرَ المَوتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحياهُم ... ) (١).
ألم تمرّ عليهم كريمة قوله تعالى : ( وَيَومَ نَحْشُرُ مِنْ كلُّ أُمَّةٍ فَوجاً ) (٢) ، مع أنَّ يوم القيامة تُحشر فيه جميع الأُمم لا من كلُّ أُمة فوجاً.
وحديث الطعن بالرجعة كان هجيري علماء السنَّة من العصر الأول إلى هذه العصور ، فكان علماء الجرح والتعديل منهم اذا ذكروا بعض العظماء من رواة الشِّيعة ومحدِّثيهم ، ولم يجدوا مجالاً للطعن فيه ـ لو ثاقته وورعه وأمانته ـ نبذوه بانَّه يقول بالرجعة ، فكأنهم يقولون يعبد صنماً أو يجعل لله شريكاً!! ونادرة مؤمن الطاق مع أبي حنيفة معروفة (٣).
وأنا لا اريد أن أُثبت في مقامي هذا ـ ولا غيره ـ صحة القول بالرجعة ، وليس لها عندي من الاهتمام قدر قُلامة ظفر ، ولكنّي أردتُ أنْ أدلّ ( فجر الاسلام )! على موضع غلطه وسوء تحامله.
يقول : الشِّيعة تقول : « إنَّ النّار مُحرَّمة على الشِّيعي إلاّ قليلاً »!! وما أدري في أي كتاب من كتب الشيعة وجد هذا ، وهل يليق برجل تربَّع على دست النقد والتمحيص للمذاهب والأديان أنْ يقذف طائفة من المسلمين بشناعة لا يأتي عليها منهم بشاهد ولا برهان ، كيف وهذه كتب الشِّيعة كادت أن تًسمع حتى الأصم والأبكم.
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٤٣.
(٢) النحل ٢٧ : ٨٣.
(٣) راجع ذلك في ترجمتنا لمؤمن الطاق آخر الكتاب.