الوقوف والهبات والصدقات :
المال الذي هو ملك لك وتريد أن تُخرجه عن ملكيتك ، فإمّا أن يكون إخراجه ليس عن ملكك فقط بل عن مطلق الملكية ، بمعنى أنَّك تجعله غير صالح للملكية أصلاً ، فيكون تحريراً ، وذلك كالعبد تعتقه فيكون حراً ، وكالدار أو الأرض تفكّها من الملكية فتجعلها معبداً أو مشهداً. وهذا القسم لا يصلح أن يعود الى الملكية أبداً ، مهما عرضت العوارض ، واختلفت الطوارئ.
وإمّا أن يكون إخراجه لا عن مطلق الملكية بل عن ملكك إلى ملك غيرك فقط ، وحينئذ فامّا أن يكون ذلك بعوض مع التراضي في عقد لفظي ، أو ما يقوم مقامه ، فتلك عقود المعاوضات كالبيع ، والبيع الوفائي ، والصلح وأمثالها.
وإمّا أن يكون بغير عوض مالي ، فإن كان بقصد الأَجر والمثوبة ولوجه الله فهو الصدقة بالمعنى الأَعم ، فإن كان المال ممّا يبقى مدة معتداً بها ، وقصد المتصدِّق بقاء عينه ، فحبس العين وأطلق المنفعة ، فهذا هو (الوقف).
وإن كان المال مما لا يبقى ، أو لم يشترط المتصدّق بقاءه فهو ( الصدقة ) بالمعنى الأخص.
وإن كان التمليك لا بقصد الأَجر والمثوبة ، بل تمليك مجاني محض ، فهو ( الهبة ) فإن اشترط فيها مقابلتها بهبة في ( الهبة المعوضة ) كما لو قال : وهبتك الثوب بشرط أن تهبني الكتاب ، فقال : قبلت. وهي لازمة ، لا يجوز لأحدهما الرجوع بهبته إلّا إذا تراضيا على التفاسخ والتقايل ، وإلّا فهي ( الهبة الجائزة ).