القصاص والدّيات :
قتل النفس المحرَّمة من أعظم الكبائر ، وهو الفساد الكبير في الأَرض ، ومن قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها ، وكذا الجناية على طرف.
ثم إنَّ الجناية مطلقاً على نفس أو طرف : إمّا عمد ، أو شبيه العمد ، أو خطأ محض.
والعمد واضح ، وشبيه العمد أن يكون عامداً في القتل مخطئاً في قصده ، كمن قصد الفعل ولم يقصد القتل فقتل اتفاقاً ، فلو ضربه بما لا يقتل غالباً للتأديب فمات ، أو سقاه دواء فقضى عليه فهو من شبيه العمد.
وأمّا الخطأ المحض فهو ما لم يقصد فيه القتل ولا الفعل ، كمن رمى طائراً فأصاب انساناً ، أو رفع بندقيته فثارت وقتلت رجلاً ، ومن أوضح انواعه فعل النائم ، أو الساهي الذي لا قصد له أصلاً ، وفعل المجنون ، والصبي غير المميز ، بل والمميِّز ، لأن عمد الصبي خطأ شرعاً.
ولو قصد رجلاً فاصاب آخر وكلاهما محقون الدم فهو عمد محض ، أمّا لو كان القصد الى غير المحقون فأصاب المحقون فهو من شبه العمد ، ولا فرق في جميع ذلك بين المباشرة والتسبيب ، إذا أثَّر في انتساب الفعل اليه ، كما لا فرق في الإنفراد والإشتراك.
ولا قصاص إلّا في العمد المحض ، أما الخطأ وشبيه العمد ففيه الدية. ويُشترط في القصاص بلوغ الجاني ، وعقله ، فلا يقاد الصبي وإن بلغ عشراً ، لا بصبي ، ولا ببالغ ، ولا مجنون وإن كان أدوارياً اذا جنى حال جنونه ، لا بعاقل ولا بمجنون ، فإن عمدهما خطأ فيه الدية على العاقلة.
أما المُجنى عليه فالأقَوى اشتراط البلوغ والعقل فيه أيضاً ، فلو قتل البالغ صبياً فالدية ، وقيل : يُقاد به ، وكذا المجنون.