الخاتمة :
ممّا يُشنِّع به الناس على الشِّيعة ويزدرى به عليهم أيضاً أمران :
الأوَّل : قولهم بـ ( البداء ) تخيُّلاً من المشنِّعين أنَّ البداء الذي تقول به الشِّيعة هو عبارة عن أن يظهر ويبدو لله عزَّ شأنه أمراً لم يكن عالماً به (١)!! وهل هذا إلّا الجهل الشَّنيع ، والكفر الفظيع ، لاستلزمه الجهل على الله تعالى ، وأنَّه محلٌّ للحوادث والتغيُّرات ، فيخرج من حظيرة الوجوب إلى مكانة الإمكان ، وحاشا الإمامية ـ بل وسائر فرق الإسلام ـ من هذه المقالة التي هي عين الجهالة بل الضلالة ، اللّهمَّ إلا ما يُنسب إلى بعض المجسِّمة من المقالات التي هي أشبه بالخرافات منها بالديانات ، حتى قال بعضهم فيما ينسب إليه : اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عمّا شئتم.
أما البداء الذي تقول به الشِّيعة ـ والذي هو من أسرار آل محمَّد صلىاللهعليهوآله وغامض علومهم ، حتى ورد في أخبارهم الشريفة أنه : ما عبد الله بشيء مثل القول بالبداء ، وأنَّه : ما عرف الله حق معرفته ولم يعرفه بالبداء (٢) ، الى كثير من أمثال ذلك ـ فهو : عبارة عن إظهار الله جلَّ شأنه أمراً يُرسم في ألواح المحو والإثبات ، وربما يطلع عليه بعض الملائكة المقرَّبين ، أو أحد الأنبياء والمرسلين ، فيُخبر المَلكُ به النَّبي والنبيُّ يخبر به اُمَّته ( ثم ) (٣) يقع بعد ذلك خلافه ، لأنَّهُ جلَّ شأنه محاه وأوجد في الخارج
__________________
(١) راجع ما كتبناه في مقدَّمتنا التحقيقية حول تحريف أحد الكتَّاب لهذه العبارة بصلافة عجيبة.
(٢) اُنظر كتاب الكافي ١ : ١١٣ ( باب البداء ).
(٣) في نسخنا : لم ، ومعها لا يستقيم السياق ، فاثبتنا ما رأيناه صواباً.