«المسائل المتلقاة» ، وسماها بعض الأجلة ب «الفقه المنصوص» (١).
__________________
(١) و (٢) مقدمة المهذب بقلم آية الله السبحاني ، وفيها «ان كتبهم في القرون الثلاثة الأولى كانت مقصورة على نقل الروايات بأسنادها ، والإفتاء في المسائل بهذا الشكل ، مع تمييز الصحيح عن السقيم والمتقن عن الزائف.
وتطلق على كتبهم عناوين : الأصل ، الكتاب ، النوادر ، الجامع ، المسائل ، أو خصوص باب من أبواب الفقه ، كالطهارة والصلاة وما شابه ذلك.
هذه الكتب المدونة في القرون الثلاثة بمنزلة «المسانيد» عند العامة ، فكل كتاب من هذه الرواة يعد مسندا للراوي ، قد جمع فيه مجموع رواياته عن الإمام أو الأئمة في كتابه ، وكان الإفتاء بشكل نقل الرواية بعد اعمال النظر ومراعاة ضوابط الفتيا وهكذا مضى القرن الثالث.
وبإطلالة أوائل القرن الرابع طلع لون جديد في الكتابة والفتيا ، وهو الإفتاء بمتون الروايات مع حذف إسنادها والكتابة على هذا النمط مع اعمال النظر والدقة في تمييز الصحيح عن الزائف فخرج الفقه ـ في ظاهره ـ عن صورة نقل الرواية ، واتخذ لنفسه شكل الفتوى المحضة.
وأول من فتح هذا الباب على وجه الشيعة بمصراعيه هو والد الشيخ الصدوق علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه ـ المتوفى عام ٣٢٩ ه ـ فألف كتاب «الشرائع» لولده الصدوق ، وقد عكف فيه على نقل متون ونصوص الروايات ، وقد بث الصدوق هذا الكتاب في متون كتبه : كالفقيه ، والمقنع ، والهداية ، كما يظهر ذلك من الرجوع إليها.
ولقد استمر التأليف على هذا النمط ، فتبعه ولده الصدوق المتوفى عام ٣٨١ ، فألف «المقنع والهداية» وتبعه شيخ الأمة ومفيدها «محمد بن النعمان» المتوفى عام ٤١٣ في «مقنعته» وتلميذه شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي المتوفى عام ٤٦٠ في «نهايته».
ولما كانت متون هذه الكتب والمؤلفات مأخوذة من نفس الروايات والأصول وقعت متونها موضع القبول من قبل الفقهاء فعاملوها معاملة الكتب الحديثية وعولوا عليها عند اعوازهم النصوص على اختلاف مشاربهم وأذواقهم». مقدمة المهذب : ١ ـ ٢٢ و ٢٣.