فيعلم الامور الجزئيّة من حيث هي دائمة كلّيّة ، ومن حيث لا كثرة فيه ولا تغيّر ـ وإن كانت هي كثيرة متغيّرة في أنفسها وبقياس بعضها إلى بعض ـ وهذا كعلم الله سبحانه بالأشياء وعلم ملائكته المقرّبين عليهمالسلام.
فعلوم الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام بأحوال الموجودات الماضية والمستقبلة وعلم ما كان وعلم ما سيكون إلى يوم القيامة من هذا القبيل ، فإنّه علم كلّي ثابت غير متجدّد بتجدّد المعلومات ، ولا متكثّر بتكثّرها.
ومن عرف كيفيّة هذا العلم عرف معنى قوله ـ عزوجل ـ : «وفيه تبيان كلّ شيء» (١) ويصدّق بأنّ جميع العلوم والمعاني في القرآن الكريم ، عرفانا حقيقيّا وتصديقا يقينيّا على بصيرة ، لا على وجه التقليد والسماع ، إذ ما من أمر من الامور إلّا وهو مذكور في القرآن ، إمّا بنفسه أو بمقوّماته وأسبابه ومباديه وغاياته.
ولا يتمكّن من فهم آيات القرآن وعجائب أسراره وما يلزمه من الأحكام الغير المتناهية ، إلّا من كان علمه من هذا القبيل.
__________________
(١) ـ اقتباس من قوله عزوجل : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ) [١٦ / ٨٩].