ومن خواصّها أنّها تقرأ من كل ناحية ، كما حكي من بعض البله (١) من أهل الحاج أنّه لقى رجلا ـ وهو يطوف طواف الوداع ـ فأخذ ذلك الرجل يمازح هذا الأبله : «هل أخذت براءتك من النار»؟
فقال الأبله : «وهل أخذ الناس ذلك»؟
قال له : «نعم».
فبكى ذلك الأبله ودخل الحجر وتعلّق بأستار الكعبة وجعل يبكي ويطلب من الله أن يعطيه كتاب عتقه من النار ، فجعل الناس وأصحابه يلومونه ويعرّفونه أنّ فلانا يمزح معك ، وهو لا يصدّقهم بل بقي مستمرا على حاله ، فبينا هو كذلك إذ سقطت عليه ورقة من الجوّ في جهة الميزاب ، فيها مكتوب عتقه من النار ؛ فسر بها وأوقف الناس عليها ؛ وكان من آية ذلك الكتاب أنّه يقرأ في كلّ ناحية على السواء ، لا يتغيّر ، كلّما قلبت الورقة انقلبت الكتابة لانقلابها ، فعلم الناس أنّه آية من عند الله.
وكذلك كلامه ـ عزوجل ـ يسمع من كلّ جهة ـ كما حكي في قضيّة موسى ـ على نبيّنا وعليهالسلام ـ».
__________________
(١) ـ الفتوحات المكية : ٣ / ٥٩.