فصل [٦]
[التأويل]
قال بعض العلماء (١) :
«ما من كلمة من القرآن إلّا وتحتها رمز وإشارة إلى معنى خفيّ يدركها من يدرك الموازنة والمناسبة بين عالم الملك والشهادة ، وبين عالم الغيب والملكوت ؛ فما من شيء في عالم الحسّ والشهادة إلّا وهو مثال لأمر روحانيّ من عالم الملكوت ؛ فإنّه هو في روحه ومعناه ، وليس هو في صورته وقالبه ، والمثال الجسمانيّ من عالم الشهادة مرقاة إلى المعنى الروحاني من ذلك العالم ، ولذلك كانت الدنيا منزلا من منازل الطريق إلى الله ـ تعالى ـ ضروريّا في حقّ الإنس ، إذ كما يستحيل الوصول إلى اللبّ إلّا من طريق القشر ، فيستحيل الترقّي إلى عالم الأرواح إلّا من مثال عالم الأجسام ، ولا نعرف هذه الموازنة إلّا بمثال :
فانظر إلى ما ينكشف للنائم في نومه من الرؤيا الصحيحة التي هي جزء من ستّة وأربعين جزء من النبوّة (٢) ، وكيف ينكشف بأمثلة خياليّة ؛ فمن يعلّم الحكمة غير أهله يرى في المنام
__________________
(١) ـ الغزالي : جواهر القرآن ، الفصل الخامس ، ٢٠. وأورده صدر المتألهين أيضا اقتباسا في مفاتيح الغيب : ٩٥ ، وتفسير آية الكرسي : ٤ / ١٧٣.
(٢) ـ البخاري : التعبير ، باب الرؤيا الصالحة ، ٩ / ٣٩. المسند : ٣ / ١٢٦ و ١٤٩.
كنز العمال : ١٥ / ٣٦٦ ـ ٣٦٨ ، ح ٤١٤٠٠ و ٤١٤٠٨ و ٤١٤١١.