وعليه فليس فقط لأصل «التوحيد» بل جميع الأصول والفروع وتعليمات الأنبياء جذور في فطرة الإنسان وإنّ كافة وصايا الأنبياء على كافة الأصعدة إنّما تربي الفطرة الإنسانية وتنميها ، وهنا نخلص إلى نتيجة مفادها إننا إذا شعرنا بتعلق فطرتنا بشيء فلابدّ أن يكون لذلك الشيء وجوداً خارجياً.
* * *
والآن نعود لنرى جذور القيامة ونبحث عنها في وجودنا :
٢ ـ حبّ البقاء
لو خلق الإنسان للفناء حقاً لوجب أن يعشق ذلك الفناء ولتلذذ بالموت وإن حلّ به في وقته وفي السنين المتقدمة ، والحال لا نراه يستسيغ الموت (بمعنى العدم) في أي وقت ، ليس فقط ذلك فحسب ، بل يعشق البقاء والوجود بكل كيانه ، ويبرز هذا العشق من بين جميع نشاطاته ، ما الجهود التي يبذلها من أجل حفظ اسمه وذكره وبناء الأهرام والمقابر الدائمية وتحنيط أجساد الموتى بتلك التكاليف الباهضة وحتى الرغبة بحياة ولده كامتداد لحياته و... كل ذلك دلالة واضحة على غريزة حب البقاء لديه ، إلى جانب سعيه لإطالة عمره وتعامله مع إكسير الشباب وماء الحياة التي تشكل أدلة أخرى على ثبوت الحقيقة المذكورة.
فلو خلقنا للفناء فما معنى هذا الحبّ والرغبة بالبقاء؟
لو كان الأمر كذلك لكان هذا الحب والرغبة ضرباً من العبث واللغو ، لقد تجلت الحقيقة المذكورة بأروع صورها في كلام الإمام علي (ع) إذ قال : (مَا خُلِقْتَ أنْتَ وَلَا هُمْ لِدارِ الْفَنَاءِ بَلْ خُلِقْتُمْ لِدارِ الْبَقاءِ)