بعبارة أخرى : لابدّ من إحاطة للعلم بالموجودات الخارجية والعينية ، وهذه الإحاطة ليست من وظيفة الخلايا الدماغية ، فخلايا الدماغ تتأثر فقط بالخارج ، هذا التأثير كتأثر سائر أجهزة البدن بالخارج ، أمّا الإحاطة والعلم بالوضع الخارجي فهي شيء آخر ، فإن كان التأثر بالخارج دليلاً على علمنا بالخارج ، للزم أن نفهم أيضاً بمعدتنا ولساننا. والحال ليس الأمر كذلك ، والخلاصة فإنّ الوضع الاستثنائي لإدراكاتنا دليل على أنّها تستبطن حقيقة أخرى (عليك بالدقّة).
* * *
٢ ـ وحدة الشخصية
الدليل الآخر الذي يمكن ذكره لإستقلال الروح هو مسألة وحدة الشخصية طيلة عمر الإنسان.
توضيح ذلك : إنّنا في الوقت الذي نشك في كل شيء لا نشك ونتردد في هذا الموضوع وهو «إنّ لنا وجود».
«أنا موجود» ولا أشك في وجودي ، وعلمي بوجودي هو علم حضوري لا حصولي ، يعني أنني حاضر عند نفسي ولست منفصلاً عنها ، وبناءاً على هذا فإن علمي بوجودي ليس من قبيل رسم صورة لوجودي في ذهني ، بل عن طريق عدم إنفصالي عن نفسي.
بعبارة أخرى : إنّ علمنا بالموجودات الخارجية ، مثلاً من قبيل هذا الكتاب الذي أمامي والذي يضم خطوطاً وصوراً من خلال رسم صورة عنه في أذهاننا ، ومن هذا الطريق نحيط بالوضع الخارجي ، ويطلق على هذا العلم في الفلسفة اسم «العلم الحصولي» أو الإرتسامي ، أمّا علمنا بوجودنا