ملاحظة مهمّة
هل من تلازم بين إثبات القيامة وعالم ما بعد الموت وإستقلال الروح؟ وإن أنكرنا إستقلال الروح واعتبرناها من الخواص الصرفة للمادة ، فهل تبقى مسألة المعاد ثابتة؟
لابدّ من القول صراحة الإجابة على هذا السؤال : إنّ إثبات إستقلال الروح وكونها ليست مادية وإنّه كانت خطوة عريضة باتجاه إثبات المعاد والحياة بعد الموت ، لكن مع ذلك لا مانع أن يقول بالقيامة والحياة بعد الموت الأفراد الذين ينظرون إلى الروح على أساس النزعة المادية ويرون الروح مادية ، بحيث يقولون : إذا مات الإنسان تلاشى بدنه والروح أيضاً التي من خواص المادة تزول أيضا ، إلّاأنّ الذرات تبقى في الهواء ، وحين القيامة تتجمع هذه الذرات بالضبط كما كانت متفرقة في بداية حياة هذه الدنيا ثم إتصلت مع بعضها بفعل بعض العوامل ، فسوف تتجمع تلك الذرات في ذلك اليوم وتعيد وجودناً من جديد وستلتحق بنا أعمالنا التي بقيت في هذه الدنيا على هيئة طاقة.
وإذا تذكرون فقد قلنا سابقاً : أنّ أغلب الفاكهة والثمار والنباتات والبذور والحبوب يمكن أن تكون أصبحت تراباً عدّة مرّات ثم عادت إلى وضعها الأصلي ، مثلاً فاكهة شجرة تنفصل عن الغصن بعد نضجها وتقع على الأرض ، ثم تتعفن وتتحلل وتتحول بعد ذلك إلى مواد غذائية مؤثرة تمتصها الأشجار عن طريق الجذور فتطوي المسار السابق وتظهر بشكل فاكهة ، وهذا في الحقيقة نوع من الحياة بعد الموت ونموذج مصغّر للمعاد ، والحال نعلم أن ليس للفاكهة والحبوب من روح ، وبناءاً على هذا فإثبات المعاد لايعتمد إلزاماً على مسألة إثبات الروح ، وإن كان إستقلال الروح قطعياً على